د. محمد عبدالله الخازم
مع انتهاء موسم الحج - وكما هو متوقع- بنجاح مشرف وعاكس لما تبذله المملكة من جهود، نبارك للجميع هذا التميز. ولأن الحج عملية تنموية مستمرة تتجاوز مجرد نصب الخيام وتفكيكها خلال أيام الحج المعدودات، فإنه من المناسب أن يتلو الموسم ورشة عمل تستعرض تقارير الجهات المشاركة في الموسم واستعراض النجاحات والصعوبات والخطط ذات العلاقة. الحج كما تشير الدراسات يعد أو يفترض أن يكون أكبر ثاني مصدر للدخل في المملكة، ليس فقط من ناحية الدخل المباشر بل من خلال تحريك عجلة الاقتصاد في المدن المقدسة والمطارات والمنافذ وغيرها. وأول خطوة قد تحتاج إلى مراجعة تتمثل في موضوع إدارة الحج بأداء متميز وتكاليف أقل (Optimization) على مستوى كل قطاع، وعلى المستوى العام. لا أملك الخبرة في الحج أو في مختلف المجالات ذات العلاقة للحكم على الجانب الاقتصادي في إدارة الحج، لكنه جدير بنا السؤال هل نحن ندفع بأعداد أكبر من المحتاج من الموظفين للعمل في موسم الحج أو العكس؟ هل تحتاج بعض القطاعات زيادة أعداد العاملين في الحج للوفاء بمتطلباته؟ هل استفادتنا من التقنية في إدارة الحج يتم بشكل مثالي ويسهم في تقليص الهدر أم لا؟
الدكتور ياسر الغامدي اقترح تنشيط الجانب السياحي المصاحب، وتحديدًا بالسماح للحاج بالبقاء فترة أطول وتقديم عروض ترويجية للحجاج تتيح لهم زيارة مختلف المدن بالمملكة، وعلى الرغم من البعد الاقتصادي في هذا الجانب إلا أنه يرى كذلك بان هناك بعدًا ترويجيًا لمدن المملكة ولنهضتها وتنميتها، فمثل مدن المنطقة الشرقية والجبيل وينبع وأبها وغيرها تشكل نماذج يفخر بها في المجال التنموي والحضاري. كما أضاف بأهمية التغذية الراجعة حول إدائنا في موسم الحج.
رأي العملاء مهم كما يقال في أي عمل، وفي الحج العملاء هم الحجاج وبعثات الحج، فهل تجرى دراسات أو استبيانات تتيح التعرف على الإيجابيات والسلبيات والصعوبات من خلال رأي الحجاج وبعثات الحج؟ هل يوجد تقييم لمختلف القطاعات أو الخدمات من وجهة نظر الحجاج وبعثات الحج؟ هل يوجد تقييم لبعثات الحج وشركات الحج من كل بلد يمكن على ضوئها تقديم النصح لتلك البعثات والشركات لتكون أفضل في الأعوام التالية؟ لا أعتقد أن المهمة صعبة وخصوصًا مع تقدم التقنيات ووجود الباحثين والدارسين المميزين وكذلك الشركات المتخصصة - المراكز البحثية التي يمكنها القيام بذلك. الفكرة هي أن يتم الاستفادة من آراء المستفيدين والمؤسسات المحايدة بغرض التطوير وزيادة النجاح وعدم الاكتفاء بآراء الجهات التنفيذية.
أعتقد أن هناك قصورًا كبيرًا في مجال دراسات وأبحاث الحج وبالذات التطبيقية والميدانية، وهنا أدعو وزارة التعليم ومدينة الملك عبدالعزيز البحثية والجامعات إلى وضع أوليات بحثية للحج، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، ومن ثم دعم الباحثين للقيام بها. أقترح هنا إيجاد أولويات يمكن تسميتها (Grand Challenges Hajj) التي من خلالها يتم التعرف على أبرز المشكلات التي تتطلب جهود الباحثين لدراستها وإيجاد الحلول المناسبة لها. الدراسات المتعلقة بمعرفة آراء المستفيدين ستدعم التعرف على الأولويات متى تم تحليلها بشكل جيد.