د. خيرية السقاف
يكرمني من الأعزاء القراء من يحفل بما أكتب، فيذهب إعجابًا، ويثني تقديرًا، ويصلني بما يسر الخاطر، ويطمئنني على أن هذا السيل العارم الذي اجتاح ذائقة العامة، لم يؤثر أبدًا في مكنون الخاصة، لا ذوقًا ولا تذوقًا، ولا عناية بما هو في منأى عن غوغائيته، ومجراه، ووجهته..
هؤلاء يديرون دفَّة الموجة، يبحرون بي نحو المرافئ التي يصلها البحارة بمكتسباتهم من العمق، في أيديهم الجذور، وتحت أقدامهم الحقل، وفوق رؤوسهم عرائش النبت، وفي صدورهم نقاء الشهيق، وعنها زفير العبق..
هؤلاء يجعلون للكلمة منازلَ تنوف بأعمدتها، وتضرب في العنان أجنحتُها، وإن حلقت، أو توقفت فعلى فروع أغصان مثمرة، تتدلى عذوقها بجنيٍ لا يَسَّاقط إلا ليُشْبِع..
هؤلاء بهم طالت الرحلة، وما انبتَّ الطريق، عَمُرَت المحطات ولم توحشها الغربات!..
وبهم الوقود عامرٌ، والبئر دافقٌ، وغمرٌ من فيض مصابيحهم!!..
ولئن هم خاصة لكنهم يُغنون عن كثرة يتيهون، ويتوِّهون!!.
والأدباء في الحياة غرباء، أي غرباء..
غير أن ثلة الرفقاء هؤلاء حين يُزجُّون على الغمْر في هيجان البحر، فإنهم يأخذون بغربتهم نحو النجاة من الغرق، أو التيه في المنافي!!..
ولا أقسى من منفى النفس حين تتوحد..
ولا أنجى لها من هؤلاء الرفقاء يبددون وحشة الطريق،
ويخففون قسوة التَّوحد..
هؤلاء أنتم..
وكنتُ قد خصصت «اليوم معكم» على مدى الرحلة أن أكون فيه معكم، مع رسائلكم، ومهاتفاتكم، وتواصلكم المباشر، حتى قربت المسافة، وبوشرت المحادثة، وأصبح التواصل فوريًا، وأخذت السرعة بتلابيب الوقت، وبقيت لكم، ومعكم في اليوم، وفيما هو آتٍ...
عددٌ لا تحصى التعبير عن شكره كلمة، لرفقة لا تُثمَّن بجُملة، ومشاركة تكاد مميزة في السجل، فوجودكم هنا، وتواصلكم هناك، وبقاؤكم الأصدق في معية التجديف والإبحار، والصيد، والإرساء، والبذر، والتحليق، ومن قبل ومن بعد إيقاد المصباح، وحَمْل البوصلة له التقدير جُلُّه، ودقيقه،..
أنتم الكثير وإن كنتم خاصة، والأصدق وإن انتشر الصادقون..
هنا نلتقي نبدأ، وننطلق..
فلكم ما بقيت في المحبرة قطرة، وفي سنة اليراع ومضة كلَّ التقدير، والحب، والشكر..
وسأبدأ العودة مع «اليوم معكم» في آتي الأيام من الأسبوع القادم إن شاء الله، ولن أتأخر، سأفي بالاستجابة لطلب عزيز منكم تكرر، وألحَّ..
حيَّا الله الرفقاء المخلصين..