فهد بن جليد
ما تعرضت له الأم (تشانغ) وطفلها الرضيع من اعتداء -يوم الجمعة الماضي- عندما طرحها الشرطي (تشو) أرضاً هي ورضيعها الذي تحمله بشكل قاس، بسبب إيقافها الخاطئ للسيارة في أحد شوارع شنغهاي أثار ردود فعل غاضبة عالمياً، بعد انتشار مقطع لما حدث في وسائل التواصل الاجتماعي, وأصدرت الشرطة بياناً بمعاقبة الشرطي لإيذائه الطفل الرضيع ومبالغته في عقاب الأم التي تشاجرت معه وهي تحمل طفلها.
محلياً أثار مقطع أحد الآباء -يبدو أنه عربي الجنسية- وهو يدفع طفل رضيع في أحد المولات على الأرض بطريقة غير مقبولة وعنيفة، ردود فعل غاضبة حتى أن نائب أمير المنطقة الشرقية وجه بضبط الشخص الذي ظهر في المقطع، وإحالته للنيابة العامة، وهي خطوة وجدت ترحيباً واسعاً.
تعنيف الأطفال قضية مرفوضة في كل المجتمعات الإنسانية، ومعظم الآباء عندما يرتكب مثل هذا العنف في لحظة غضب هو يرتكز على حقه الطبيعي في تربية طفله -كما يعتقد- ولكن الحقيقة أنه يفرغ غضبه من الأم، أو من ضغوط الحياة، في الحلقة الأضعف ضمن معادلة الحب المفقودة.
ضرب الأطفال لتربيتهم وتعليمهم مسألة مُختلَف عليها في معظم المُجتمعات الإنسانية بين القبول والرفض، إلا أن هناك شبه اتفاق على الفرق الكبير بين الضرب لتأديب الأطفال في مختلف الأعمار - غير المبرح - وبين الإيذاء الجسدي والنفسي المؤلم بقسوة (العنف) خصوصاً إذا تم تسجيل مثل هذه الحالات ورصدها علناً أمام أعين الناس.
ما تزال فرنسا هي الدولة الأوروبية الوحيدة المُتمسكة بحق تأديب الآباء لأبنائهم بالضرب -على المؤخرة- كتقليد مُجتمعي مُحافظ بقصد التربية والعقاب عند ارتكاب الأخطاء، وقد دافع الفرنسيون كثيراً عن هذا الحق، مع تجريمهم للعنف الجسدي مثل بقية المجتمعات المُتحضرة.
خلال العامين الماضيين تم تسجيل وفاة 6 حالات لأطفال نتيجة تعنيف الآباء في مجتمعنا، وعلى قدر الإزعاج والألم الذي يخلفه مثل هذا الخبر، إلا أن الرصد والشفافية والإعلان من الخطوات الهامة والجادة بمُشاركة المجتمع في وقف ورصد مثل هذا السلوك المؤذي -غير السوي- تجاه الأطفال.
مواجهة هذه التصرفات بشفافية بعيداً عن ديباجة الأمراض النفسية أو الإدمان، شجاعة مُجتمعية علينا التمسك بها، فهناك أباء مازالوا يعتقدون أنهم يملكون أرواح أبنائهم بحكم الأبوة -كحق أصيل- وهو ما يُبرر قيام بعضهم بسلوك عنيف ضد الأطفال بقصد التربية أو الانتقام من الأم.
وعلى دروب الخير نلتقي.