إعداد - محمد المرزوقي:
بعد أن عرضنا في الحلقة الأولى من «ملف نهاية عصر الجزيرة»، الرؤية التي بنا النظام القطري عليها إنشاء قناة الجزيرة، والرسالة التي تخدم به الأجندة القطرية، والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها منذ إنشائها، والأديولوجيا التي تقف خلف كواليس قناة الجزيرة، التي أوردنا أبرز ملامحها في (2) ملمحاً، فيما انتقلنا في الحلقة الثانية من الملف إلى ما عرضه الزميل المترجم الدكتور حمد العيسى في كتابه: «نهاية عصر الجزيرة»، إلى جانب ما أورده الباحث المختص في شئون الشرق الأوسط في معهد الدراسات الإستراتيجية التابع لكلية الحرب للجيش الأمريكي البروفيسور أندرو تيريل، في مقال نشره قبل ما سمي بـ(الربيع العربي) الذي نشره تحت عنوان: «كيف تستفيد أمريكا من قناة الجزيرة؟»، إضافة إلى مقالة للكاتب المغربي محمد أوحمو، نشره بالإنكليزية في 13 ديسمبر 2013م، على موقع (المغرب أخبار العالم) الإنكليزي، الذي دون خلاله أدلجة قناة الجزيرة ووصفها بالبوق الفاشي، فيما عرضت ثالث الحلقات تقريراً نشر بتاريخ 15 فبراير 2012م، في الطبعة الدولية الإنكليزية لمجلة دير شبيغل الألمانية الشهيرة (شبيغل أونلاين إنترناشينال)، حيث كتب التقرير ثلاثة صحفيين ألمان، هم: ألكسندر كوهن، وكريستوف رويتر، وغريغور بيتر شميتز، عن النهج (الفاضح) لقناة الجزيرة، إلى جانب تقرير عن استقالة الإعلامي السوري أكثم سليمان، إضافة إلى مقالة «كليف كينكيد» التي نشرها في 9 أغسطس 2013م، على موقع (جمعية مراقبة ممارسة الإعلام)، جاء فيه:»، مؤكداً فيها أن قناة الجزيرة تعمل بصورة وثيقة مع الإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية المتربطة بها كـ»تنظيم القاعدة»، وغيرها من الجماعات الإرهابية، إذ تحصل القناة على تمويل من النظام القطري، الذي يحرم مواطنيه من حرية التعبير!؛ فيما قدم الملف في حلقته الرابعة من نهاية عصر الجزيرة، الفضائح الشهيرة التي عصفت بآخر أشرعة الجزيرة بعد تسريبات ويكيليكس الشهيرة.
«منبر» الإرهاب
قدمت قناة الجزيرة منذ تأسيسها للجماعات الإرهابية، ما لم يجدوه من تنظيماتهم الإرهابية، وفي مقدمة تلك الجماعات، جماعة الإخوان المسلمين الذين انحازت إليهم في مختلف الدول العربية، وانحيازها لهم في أحداث مصر بشكل سافر، وخاصة بعد أن تغلغل أعضاء بعض التنظيم إلى شبكة القناة، الأمر الذي وصفوه المستقيلون منها، بأن القناة تحولت في انحياز واضح وفاضح إلى بوق للجماعات (الفاشية)، إذ إن وجود القناة وجماعة الإخوان في قطر يجعلهما يتحدون في مهمة تآمرية واحدة، ما يزال النظام القطري يحتضنهما بكافة أنواع الدعم والحماية، ويذلل لهما الصعاب التي من شأنها أن تجمع حربة الإخوان (الضالة)، مع حربة الجزيرة (المضللة)، في حربة واحدة يسهل بها طعن الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مختلف الدول العربية، ما جعل من قناة الجزيرة وجهة لتنظيم القاعدة الإرهابي، الذي لم يجد هو الآخر منبراً سوى منبر من لا مهنية له ولا مصداقية.
«قاعدة» الجزيرة!
لم يكن تنظيم (القاعدة) الإرهابي، سوى أحد التنظيمات التي وجدت في منبر الجزيرة بأنه حقا منبر لمن لا منبر (إرهابي) له، فلقد كانت الجزيرة منصة للتنظيم، إذ وجد فيها قياديو القاعدة وفي مقدمتهم أسامة بن لادن، والمخطط الإستراتيجي للتنظيم أيمن الظواهري، الذي وصل به (جنون الإرهاب)، إلى إنشاء «إدارة شهداء التنظيم»، الذي كان هدفه الأول إنتاج طوابير (طويلة) من الانتحاريين، ليكونوا قنابل بشرية (ناسفة) تسير على الأرض!، إذ كانت قناة الجزيرة بمثابة الوجهة الإعلامية القادرة على تسويق إرهابهم، الأمر الذي جعل مما كان يظنه بعض العوام (تفردا) إخبارياً، بأنها ليست سود أدلة وشواهد (إدانة) على ضلوع القناة في علاقات مباشرة على الأرض بالجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية، قبل أن تكون على منابرها البرامجية، ما جعل من التسجيلات، وأشرطة الفيديو، واللقاءات (الميدانية) لمراسلي الجيرة مع حركيي تنظيم القاعدة، (شهوداً على عصر الجزيرة الإرهابي)، وعلاقتها المباشرة مع التنظيمات الإرهابية، الذي يعكس ترتيب أولويات سياسة الجزيرة التي تفوقت بدورها على (12) كياناً إرهابياً تحتضنها قطر، لتكون في صدارة تلك الكيانات، بل أنها أصبحت في كفة وبقية الكيانات القطرية في الكفة الأخرى!.
حكاية «حمدية»!
«نحن لا نتدخل مطلقاً في قضايا الجزيرة» هذه العبارة التي كان يرددها أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، لأشقائه من دول مجلس التعاون وعامة البلدان العربية، تجاه ما كانت وما تزال تقوم به الجزيرة من تزييف وتضليل وتآمر، في الوقت الذي ضاقت بها العديد من المنظمات الغربية، التي كانت تطالب حكومة قطر بأن تمارس دوراً رقابياً يحد من تضليل الجزيرة وأكاذيبها، إلا أن المؤسس (الحقيقي) لها، وراسم سياستها أمير قطر السابق، كان يعقد مع مجلس إدارتها اجتماعات دورية، ويزور مقرها خلال الأحداث الهامة، للمتابعة المباشرة لما سيتم، كما أثبته رؤساء تحرير ومراسلون بارزون من الجنسين في قناة الجزيرة، التي عرضنها في الحلقة الرابعة من الملف.
إلى جانب ذلك كان لقصة القبض على رمزي بن الشيبة، التي بدأت بأوامر الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني رئيس شبكة الجزيرة -ابن عم حمد بن خليفة- بالتكتم على ما أدلى به يسري فودة، من معلومات عن ابن الشيبة، التي أكدت التقارير نقل المعلومات إلى حمد بن خليفة الذي نقلها في نفس اليوم لـ»سي آي أيه»، ما جعل من تلك الحادثة -على سبيل المثال لا الحصر- التي عرّت ما تبقى من مراوغات أمير قطر السابق تجاه قناته (الخاصة) التي يتضح من خلال ما وثقته التقارير العربية والأخرى الأجنبية التي دونها شهود على عصر الجزيرة الهزيل، ومدى ممارساتها الإعلامية المغرضة المضللة الموجهة إلى دول مجلس التعاون الخليجي بالدرجة الأولى، وإلى مختلف الدول العربية، الأمر الذي أكدته الأحداث التي ما يزال شهودها يكتبون مقالات وتقارير ويؤكدون في حواراتهم على وحل الإعلام الفاشية القطرية، بدعم تمويل وإشراف ومتابعة من أسرة آل ثاني، التي ما تزال تردد مقولة أميرها السابق: نحن لا نتدخل (مطلقاً) في قناة الجزيرة!.
تبادل الأدوار والأقنعة!
انخرطت قناة الجزيرة في (وحل) المؤامرات بمختلف مستوياتها بدء بما يمليه عليها مؤسسها أمير قطر السابق، مروراً بالاستخبارات الأجنبية وإملاءاتها المختلفة، وصولاً إلى التآمر مع الكيانات والتنظيمات الإرهابية وفلولها، ما جعل من الجزيرة بشهادة منتسبيها خارج خط المهنة الإعلامية، وشرف مهنيتها، وما تمليه مواثيقها وأعرافها خليجياً وعربياً ودولياً، ما أدخل سياسية القناة التحريرية في نفق مظلم، لا مخرج منه، ولا مناص من مواصلة السير فيه إلا بالتضليل المستمر، وافتعال الأكاذيب، وتزييف الحقائق، بمختلف أساليب التحايل، التي بمكن إيجاز ملامحها في النقاط الموجزة التالية:
الأولى: التطابق التام بين سياسة تحرير قناة الجزيرة وسياسة آل ثاني، في القدرة (المطلقة) على التعامل مع الجماعات الإرهابية، والتفاهم مع عناصرها بدء بقيادتها، وانتهاء بفلولها، ما يجسد العلاقة الوطيدة بين هذه الأطراف، التي وصلت إلى وساطات علنية للنظام القطري مع تنظيمات إرهابية، فيما وصلت قناة الجزيرة إلى وساطات من نوع آخر تمثلت في:
1- الحوارات.
2- التسجيلات الصوتية.
3- أشرطة الفيديو.
الثانية: تقديم الجزيرة الدعم الإعلامي للكيانات والتنظيمات والجماعات الإرهابية على مستوى التسويق الفكري من جانب، أو تقديم الغطاء الإعلامي باستخدام أديولوجيا (التجاهل) من جانب آخر، من خلال أساليب عدة جاء في مفدمتها:
1- دفع المبالغ المالية لتلك التنظيمات والجماعات الإرهابية.
2- تقديم المحتوى الإعلامي الذي يلائم أهداف كل تنظيم، بما يخدم أجندته، وذلك بمثابة إعلان (مجاني)، تقدمه شبكة الجزيرة لعملائها من الجماعات والتنظيمات الإرهابية.
3- التخلص من (ردود أفعال) التنظيمات والجماعة الإرهابية، للتعمية على عدم تكشّف تآمرية القناة مع أجهزة الاستخبارات، خصوصا مع الذين تم القبض عليهم، من خلال علاقاتهم بالقناة، عبر طرق عدة يأتي في مقدمتها:
أ- التدخل السريع من الحكومة القطرية، لتجيير وقوع ذلك النوع من الحوادث إلى أن تتم من خلال أطراف استخباراتية، وإخراج القناة من مأزق التورط مع جماعات الإرهاب وتنظيماته، التي تعدّ أحد أدوات النظام القطري الفاعلة خليجياً وعربياً.
ب- اتخاذ الوقت (فاصلاً) كافيا بين نشاط القناة، والتدخل الاستخباراتي.
ج- لم يتردد بعض المراسلين المتورطين في مثل تلك المهام، من الادعاء أن أجهزة استخباراتية زرعت بهم (أجهزة) تتبع بطريقة ما دون علمهم، خروجاً من الدخول في مرحلة تصفية الحسابات الإرهابية!.