د. علي بن صالح الخبتي
أربعة مواضيع هامة جداً تؤرق المجتمع السعودي سأتحدث عنها بشكل علمي صرف في هذا المقال.. الموضوع الأول البطالة ذلك الشر المستطير الذي يؤرق المجتمعات لما يترتب على البطالة من مشكلات اجتماعية واقتصادية وصحية ونفسية.. فالجريمة بكل أنواعها والعنوسة والمخدرات والسلوك السلبي وغيرها من المشكلات مرتبط بالبطالة.. ثانياً: سوق العمل الذي لم يستطع إلى الآن أن يستوعب الوظائف المطلوبة ويحل مشكلة البطالة.. أتعرفون ما هو السبب؟ السبب أننا لا نعرف بدقة المجالات التي يحتاجها سوق العمل.. ولا نعرف نسبة كل مجال من هذا الاحتياج.. وإذا كنا لا نعرف ذلك فكيف يستطيع سوق العمل أن يحل مشكلة البطالة؟ ثالثاً: مخرجات الجامعات: ويترتب على عدم معرفتنا مجالات سوق العمل أننا لا نستطيع توجيه مخرجات الجامعات لتخدم سوق العمل.. رابعاً: الحل.. ما هو حل مشكلة البطالة وسوق العمل ومخرجات التعليم؟ الحل يكمن في دراسة علمية دقيقة جداً تشترك فيها الداخلية والتعليم والعمل والتجارة والبلديات.. نعرف من خلال تلك الدراسة مجالات سوق العمل.. كم عددها؟ كم نسبة كل مجال من الاحتياج في السوق؟ إذا عرفنا هذه المجالات نحدد في الدراسة المهارات التي يحتاجها كل مجال وبدقة.. واذا حددنا هذه المهارات نقوم بتوجيه التعليم بأن يضع تلك المهارات في خططه الدراسية بحيث تخدم مخرجاته هذه المجالات.. وتعلم تلك المهارات التي تم تحديدها وتكون المخرجات وفق النسب التي حددتها الدراسة حتى لا يكون هناك فائض لا يمكن استيعابه أو عجز لا يمكن تسديده.. الجامعات هنا قد تقفل تخصصات وتقلص أخرى وتزيد ثالثة.. هذا يتم ضمن الحلول.. ولا بد أن يتم.. ويتم ذلك ضمن معلومات دقيقة حددتها الدراسة.. يتم بذلك اتخاذ قرارات ستكون فاعلة وناجحة لأنها مبنية على دراسات دقيقة.. لا بد من أن تكون قرارات سريعة بعيدة عن البيروقراطية.. أؤكد لكم أنه لا يمكن حل مشكلة البطالة دون تبني هذه الخطوات.. وبشكل عاجل.. والدراسات يجب أن تتم أيضاً بشكل عاجل لأن وظائف السوق تتبدل أو تتغير نسبتها.. إذا ما انتهت الدراسات وأعطيت للجامعات لتضمينها في خططها الدراسية يتم أيضاً عمل حقائب تدريبية يتم من خلالها تدريب المتخرجين العاطلين على هذه المهارات كي يكونوا مناسبين لسوق العمل ويتم توظيفهم بسهولة لأنهم أصبحوا يتمتعون بمهارات تناسب سوق العمل.. وخلاصة القول فإن دراسة مجالات سوق العمل مهم جداً وهو معمول بهعالمياً.. وتصدر نشرات دورية من بعض مراكز البحث العلمي ومؤسسات البحث العالمية بشكل دوري لأن مجالات العمل تتغير أو تتغير نسبة طلبها كل خمس الى عشر سنوات أو تتبدل نسبتها في السوق.. فما هو مطلوب من الوظائف اليوم قد لا يكون مطلوباً بعد خمس سنوات أو قد تتبدل نسبته.. وما هو مطلوب قبل خمس سنوات قد لا يكون مطلوباً اليوم ولهذا نسأل لماذا تستمر جامعاتنا في التخريج بمؤهلات لا يحتاجها سوق العمل اليوم؟!! موقع «لنك إن» أصدر هذا الشهر نشرة بأكثر الوظائف طلباً في العالم وضع في مقدمتها وظائف دعم الزبائن ثم مجال المبيعات (مديري مبيعات.. مساعدي مبيعات.. تنفيذيي مبيعات) ثم الاستشارات فالجودة فالموارد البشرية فالمحاسبة فإدارة الإنتاج فإدارة المشاريع فالتسويق فتطوير الأعمال فتقنية المعلومات فالهندسة.. وحددت نسب كل مجال من تلك المجالات.. سوق عملنا لن يستقر والبطالة لدينا لا يمكن حلها دون معرفة مجالات العمل ونسبة كل مجال ثم معرفة المهارات التي يحتاجها كل مجال ثم تضمينها خطط الجامعات وعمل حقائب تدريبية لتدريب الخريجين ليناسبوا سوق العمل وقفل التخصصات فورا والتي لا يحتاجها سوق العمل لوقف نزيف الخريجين الذين بينت تلك الدراسة أن سوق العمل لا يحتاجهم.. وأنا هنا أحذر من التأخر في تبني هذه الخطة لأن الاستمرار فيما نحن فيه الآن يفاقم مشكلة البطالة ولا يجعل لنا أمل في حلها. أرجو أن يجد هذا التحذير أذناً صاغية من أصحاب القرار لتبنيه لحل مشكلة البطالة وما يترتب عليها من مشكلات مثل الفراغ والجريمة والعنوسة وغيرها الكثير من المشكلات. الجامعات تصر على بقاء بعض الأقسام التي تخرج من لا يحتاجه سوق العمل لأسباب معروفة وهي وجود أساتذة يصرون على أهمية تخصصاتهم بالرغم من عدم احتياج سوق العمل لتلك التخصصات وقد تجاملهم الجامعات فتبقي تلك التخصصات مفتوحة وتتفاقم المشكلة.. الحل لمثل هؤلاء الأساتذة أن يلحقوا ببرامج تسمى «برامج بعد التخرج» Post Graduate Programs وهي معروفة عالميًا في الجامعات.. يلحق هؤلاء الأساتذة بتلك البرامج لإعادة تأهليهم في تخصصات بينت تلك الدراسة أن سوق العمل لدينا يحتاجها.. إنني في هذه المقالة أقدم برنامجا عملياً (لا تنظيراً) لحل مشكلة البطالة وما يترتب عليها من مشكلات.. أسأل الله أن يجد من يتبناه ويحقق النجاح لمجتمعنا.