سمر المقرن
الابتلاء ليس بالضرورة أن يكون مرضاً، بل إن هناك أنواعًا من الابتلاء أشد فتكاً بالإنسان من المرض، والذي له علاج بإذن الله، لكنّ هناك أنواعًا أخرى يبتلي بها الله عبده الذي يحبه، ليس لها علاج إلا باليقين أنها حكمة من عند الله -سبحانه وتعالى- وأن الإنسان يجب أن يجابهها بكامل قوته وصبره وعزيمته، تماماً مثل الإنسان الشجاع الذي لا يستسلم للمرض ويستمر مؤمناً بأن الحياة جميلة وأنه يجب أن يُمارس هذه الجماليات في كل تفاصيل يومه.
الابتلاء بالحزن الذي لا يكون له نهاية مرارته حارقة، فالحزن على موت شخص لا بد أن ينتهي ويخف مع الأيام، لكن الحزن على الحي الذي هو في هذه الحياة وليس بيدك أن تفعل أي شيء نتيجة فقده سوى أن تكون شجاعاً في مواجهة هذه المصيبة وتعاند حزنك بالابتسامة، برغم الوجع فإن هناك حياة لا بد أن تقهر كل الأوجاع، وهناك جانب جميل بالضرورة وجوده والبحث عنه فالشمس لا تغيب كل اليوم والنور يسطع ويقهر الظلام!
التعايش مع الحزن يشبه تماماً التعايش مع المرض المستعصي، قد تطول مدته لكنه سيأتي يوماً ويصبح من الماضي، صفحة وتطوى بكل آلامها. الإنسان المؤمن الذي يختاره الله ليبتليه، يؤمن بأن ما أتاه هو اختبار ليوم سيكون فيه الاختبار أصعب وأقسى، لكن لله حكمة في تعجيل اختباراته لبعض البشر في الدنيا، ليبعدهم عن قسوتها في الآخرة.
كثيرة هي المفاهيم التي تحتاج منّا إلى التعمّق فيها أكثر، ومعرفة أوجهها وتأثيراتها في حياتنا، واختبار أنفسنا أمام أنفسنا لنحصل على احترام الذات لهذه النفس القوية جداً التي تكون أقوى مما نتصور في حال تمكنّت من التغلّب على الابتلاء بالحزن.
لو أن كل إنسان منّا تمعن في أحزان الناس وأوجاعهم وابتلاء الله لهم في أعز ما لديهم، لوجد أن أحزانه بسيطة جداً، وتافهة جداً، لكن يظل الإنسان يرى أن ما يمر فيه من مشكلات أو صعوبات أو أوجاع هي الأكبر وهي الأهم، في حين أن هناك أوجاعاً لو حملتها الجبال لسقطت وفقدت توازنها، وحملّها الله من يختاره من عباده لأنه يثق بقوته ويحبه ويحترمه، ويكفي وصول الشخص المبتلى لهذه القناعة حتى يرضى ويدير كل الوجع والابتلاء خلف ظهره.. ويقهر كل المصائب بابتسامة.