عبدالوهاب الفايز
هذا العام، والعام الماضي، شهدنا اهتمامًا شعبيًا عالميًا بالحج، وربما هذا التفاعل الإيجابي يعود لدخول وسائط التواصل الاجتماعي التي تجعل العالم يتابع أدق التفاصيل، بالذات المعبّرة والإنسانية منها والتي تعكس دلالات الحج ورمزيته. هذه طبعًا تتكرر كل عام.. ولكن تغطيتنا الإعلامية التقليدية غفلت من دون شك عن هذه التفاصيل، أو بالأحرى من الصعب ملاحقتها، لذا ظل الجانب الآخر الإنساني والغريب والطريف والجميل المعبر عن الحج غائبًا، كما هي حال الكثير من التفاصيل في حياتنا التي تذهب من دون إدراك أو تدبر.
ظاهرة التواصل الإعلامي الجديد أغلبها محايد، ولا نملك سلطة عليها، لذا جاءت الكثير من الصور والمشاهد التي ينتجها الحجاج من المشاعر المقدسة بكل اللغات محايدة وتلقائية ومن دون رتوش، وهذا مصدر التفاعل العالمي الكبير معها، وهو أيضًا نافذة العالم إلى مسار وتفاعلات الحج الواسع والغني بالتفاصيل. ولعل هذا يجعلنا نفكر بإعادة تصميم مشروعنا الإعلامي الموجه للحج لإخراجه من إطاره التقليدي، والتحول إلى المنصات الإعلامية الجديدة (لإنتاج محتوى إعلامي مبدع) في عرض رحلة الحج، والحج مشروع مفتوح للدبلوماسية الشعبية.
وأبرز مظاهر التفاعل وجدناها في تقدير الدور الكبير الذي يقوم به (رجال الأمن) من مختلف القطاعات، وقد تحول (هاشتاق) الشكر لرجال الأمن إلى (ترند) عالمي، وهذا مصدر فخر لنا جميعًا، وفي السابق لم نكن نعرف مدى تقدير وعرفان الحجاج لدور رجال الأمن، حتى جاءت وسائط التواصل الاجتماعي لتسجل الكثير من المواقف والصور التي تجعلنا نعرف حجم التضحيات والجهد الذي يقدمه رجال الأمن، وأيضًا أصبح العالم يرى مدى التكلفة المادية التي نوفرها لحماية وسلامة الحجاج.
أيضًا مما يشد العالم للحج ما يرتبط بالجوانب الروحية والإنسانية العظيمة التي تتجلى في هذه الفريضة التي توحد البشر باختلاف ألوانهم وأعراقهم وألسنتهم وتفاوت رزقهم، والذين يقتربون من هذه المعاني والدلالات العظيمة، يكتشفون عمق الإسلام وسماحته ورسالته الإنسانية، وهذا بعكس ما تفعله جماعات التطرّف والإرهاب.
بالإضافة إلى تقديرنا لأهمية الحج ودوره في تقديم صورة الإسلام، أيضًا نحن نفرح للنجاح الذي ينتهي إليه موسم الحج، فالأمانة كبيرة والمسؤولية عظيمة، ونجاح حج هذا العام لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة تخطيط ومتابعة فرق عمل ولجان من الخبراء والمختصين تعمل طوال العام، وخلف هذا، بالطبع، قيادة تضع الوقت والجهد والإمكانات خدمة لضيوف الرحمن، وفِي كل عام يوجد الملك وولي العهد وجميع القيادة وأعضاء الحكومة في منطقة المشاعر حتى يتابعوا ويوجهوا من الميدان، وفِي السنوات الأخيرة تم تطوير غرف عمليات تتابع وترفع التقارير بحيادية وموضوعية واحترافية، حتى يتم سريعًا تدارك المشاكل ومعالجة القصور والخلل.
وبالتأكيد أدى انتهاء مشروعات البنية الأساسية الكبرى إلى تسهيل أمور الحج، ومع استمرار الأبحاث التي تدرس كل مناسبة ثم تقدم التصور لأجل التحسين والتطوير للخدمات في منطقة المشاعر سوف تتحول مناسبة الحج إلى رحلة روحانية عظيمة، وسوف تتراجع صور المعاناة للحجاج، وكل الذي نرجوه أن تكف إيران شرها عن موسم الحج، فمن ضمن أهداف تصدير الثورة نقل العنف إلى الحج لإفشاله وإحراجنا.
***
(من طرائف موسم الحج هذا العام الاستنتاج النهائي للإعلام الحكومي القطري أن غياب الحجاج القطريين أدى إلى خسائر عظيمة لموسم حج هذا العام!). نحن نقول تكلم حتى أرى عقلك، ونحن أيضًا نربى بإخواننا القطريين الكرام أن يكونوا بهذه الأحلام والعقول، ولكنه الإعلام المستورد الدخيل عليهم الذي يقوم بدور هامان عند فرعون!!