فهد بن جليد
امتلاك المعلم للمعلومة العلمية وحدها لم يعد كافياً في العملية التعليمية والتربوية اليوم، مع توفر مصادر المعلومات بأشكال جاذبة وسهلة للطلاب، نحن نحتاج إلى معلم يمتلك قدرات ومهارات عالية، أكثر من مجرد امتلاك شهادة تربوية أكاديمية، وهذه مسؤولية مشتركة بين وزارة التعليم عند التعيين والمُعلم نفسه طوال سني عمله.
فالمدرس الذكي هو الذي يطوِّر من طُرق وأساليب عمله باستعراض المادة العلمية - اعتماداً - على العملية التفاعلية بينه وبين الطالب، لتزويد الأخير بالمادة المطلوبة وطُرق البحث عنها، وهذا بالمناسبة هو أكثر تعريف مُتفق عليه في البيئات التعليمية والتربوية المُختلفة.
في الأسبوع المُقبل يعود نحو نصف مليون معلم ومعلمة إلى العمل بعد انقطاع دام نحو أربعة أشهر، وهي أشهُر مُهدرة من عمر المهنة، فمعظم المُعلمين أمضوا سنوات طويلة بين فصل دراسي وإجازة قياسية، دون أن تُفكر الوزارة بضرورة إخضاعهم وإلزامهم خلالها بدورات تأهيلية وتدريبية، تجدد من نشاطهم، وتكسر الرتابة التقليدية في مهنة التدريس، وتفتح أمامهم سُبل جديدة للمعرفة، والتعرف على المُستجدات العلمية الحديثة، ومهارات لم تعد تكتسب بالخبرة مثل الإلقاء والتأثير مع جيل الإنترنت والسوشيال ميديا، وأنماط التعامل مع شخصيات الطلاب المُختلفة، أو حتى طلب تقارير وآراء، أو الاستعانة بتقييمهم للمواد العلمية التي بين أيديهم لتطوير المناهج.
أرجو ألا يغضب كلامي إخواني المُعلمين والمُعلمات، ولكن ما يحدث اليوم هو بالفعل إهدار وتعطيل لطاقات وطنية يمكن الاستفادة منها في عدة مجالات، على الأقل في - نصف مُدَّة الإجازة - ولو لتطويرهم الشخصي بشكل تدريجي، والرفع من قدراتهم، وتوظيف خبراتهم في أكثر من مهمة في الأماكن والمناطق التي يقضون فيها الإجازة مع أهاليهم، ومن خلال المقار التعليمية وبعض المدارس.
مدارسنا لم نعد في حاجة للمُعلم الذي يمثل (مصدر معلومة) تقليدي جامد، يتكرر أسلوبه وطرق تدريسه مع بداية كل فصل دراسي، بقدر حاجتنا إلى (حالة تفاعلية وبحثية) يقودها مُربٍ خبير، قادر على وضع الطلاب على بداية الطريق الصحيح للبحث والتعلم والانطلاق في الحياة، والسؤال الذي يحق لنا طرحه هنا، كيف تنظر وزارة التعليم إلى المعلم، الذي لا يُشترط عليه الحصول على دورات تأهيلية قبل تسلّمه للمهمة، ولا يخضع لها طوال سنوات عمله، رغم أهمية دوره في تشكِّيل عقول جيل المُستقبل.
وعلى دروب الخير نلتقي.