د. خيرية السقاف
ليس من نافلة القول، ولا تكراره، ولا شُح الأفكار، ولا المجاملة أن نقول:
تبارك الرحمن الذي قدَّر ووفَّق، الذي اختار وأعان، الذي خصَّ ومكَّن، الذي شاء وحفظ..
فالحمد مضاعفًا، دائمًا، أبدًا..
تبارك الرحمن، فموسم الحج بالحجيج فيه، ومن قام به، ومن قدره له، ومن أدى الأمانة فحرس ضيوفه، وسقى، وأطعم، وآوى، من تابع شؤونهم صغيرها وكبيرها، من عالجهم، وحملهم، من أنزلهم، وأعدَّ لهم، سهر لهم وعليهم، مشى معهم ولهم، رجَلَ في عناء، وطار في انتباه، وساق في زحمة، وأرشد من ضل، أو جهل، ودلَّ من تاه أو تساءل،
تبارك الرحمن الذي جمع الملايين في يسر، وسخر لهم العيون، والصدور، والقلوب، والعقول، واليُسر..
تبارك الرحمن أن طمأن خَدام بيته، وشعيرته، ومقدساته، حدودَها، وثراها، دروبَها، ومفازاتها،
جبلَها، وسهلها، وألهمهم البصيرة، وحسن السريرة..
من نصرهم بنجاح اللحظة، ومكنونها، واليوم، بزخمه، وحشوده..
من قال للكائدين في جحوركم تقلصوا، وفي أحقادكم احترقوا، وفي نكدكم استقروا..
هذا الحج لكَ ربنا، وإنَّنا بحبلك متمسكين، وبأعتابك ملتزمين، ولوجهك متجهين، ولرضاك طامعين، ولطاعتك ماثلين..وبحبك ماضين في أداء الأمانة..
تبارك الرحمن أن عبرت أيام الحج فسُطرت بخيوط النور، وتوشَّت بذهب شمس الحقيقة
أن الدين لله، وأن الحج عبادة، وأن المشاعر مناخ اللائذين، وإننا خُدَّام بيت الله، ومسجد رسوله عليه الصلاة والسلام، ومن كان خادمًا في طاعة الله لدينه، وشعائره، وأركانه التي هي مكنون الإسلام الذي ارتضاه لنا دينا رسولاً منَّا، ورسالة عنَّا، ومكان انبعاث فينا، وجعله لخلقه أجمعين في آخر حجة لرسوله الأمين ذي الخلق العظيم، الذي ختم به الرسالات، وأيده بنصره، فإنه الموفق لنا لأداء هذه الأمانة، وإننا الساعون في أدائها ما استطعنا، من القمة لآخر نَفَسٍ في عروق صغارنا..
تبارك الرحمن الذي أيدنا بنصره، فنجح الحج على مدى السمع، والنظر في أعلى مراتب النجاح وله الحمد، ومنا الشكر..
فاللهم أدم علينا نعمة التشريف، وأعِنَّا على واجب التكليف..
واحفظنا في كنف عياذك، وأمِدَّنا بسلطان نصرك..
تبارك الرحمن ما تمَّ، وليبارك الرحمن فيما سيأتي..
من هنا، فإن التهنئة من أول حرف في أبجدية الحمد لكل من حجَّ، واعتمر، وصلى في مسجد المصطفى صلى الله عليه وآل بيته وسلم،
والتهنئة موصولة لكل الجهود التي بُذلت من جميع العناصر، وبكل المهام، ومن كل الأطياف بدءًا بقمة الوطن، وانتهاء إلى آخر مولود شُق عنه حجاب الأحشاء عند مغادرة آخر حاج أراضينا الطيبة.