أ.د.عثمان بن صالح العامر
ثمة قصائد لا تموت ولا تشيخ، بل تتجدد في مناسبات الوطن المختلفة وكأنها قيلت اليوم، ومن أبرز هذه القصائد السعودية الخالدة المقطوعة الإبداعية بامتياز (أرفع راسك أنت سعودي) لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل «دايم السيف» التي ترنم بها الوطن والمواطن عشية اليوم الوطني عام 1415هـ، أي قبل أكثر من ثلاثة وعشرين عامًا، وما زالت هذه الرائعة الأدبية حية في النفوس حاضرة بالأذهان، يترنم بها اللسان وتطرب لها الآذان، وسر خلودها وسبب عشقها وحضورها المجتمعي أنها تحكي بالفعل حقيقة الشخصية السعودية المعاصرة، وترسم معالم الإنجازات الضخمة والتطورات السريعة والمواقف البطولية التي يفخر بها الوطن ويفاخر بها المواطن، ويسعد بها الصغير والكبير، القاطن هذه الأرض المباركة أو حتى الزائر والمقيم على حد سواء، رغم عظم التحديات وكثرة السهام وتعدد الهجمات، وتنوع مساربها ووسائلها التي يريد من خلالها أعداء الدين والوطن النيل منا حكومة وشعبًا، أرضًا وعرضًا، وتفكيك أواصر وحدتنا، وتمزيق جسديتنا ولحمتنا، وطمس معالم هويتنا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وأنّى لهم ذلك.
لقد سطر الشباب السعودي القائمون على وفادة الحجاج وتسهيل أدائهم لمناسكهم في جميع قطاعات الدولة الأمنية والصحية والدعوية والخدمية والإعلامية والاقتصادية والإرشادية و..خلال موسم هذا العام إنجازًا وطنيًا نفخر به جميعًا، ونتحدث عنه وفيه بكل صعيد وعلى جميع المستويات، ولكل الشعوب والأجناس والألسنة، ولم يكن لهذا الإنجاز المشرف والعمل المتميز أن يتم على أروع صورة وأحسن وجه لولا توفيق الله عزّ وجلّ ثم وجود قيادة حكيمة عازمة حازمة حليمة متابعة ومحاسبة، محبة للخير حريصة على إسدائه للآخرين.
وجزمًا كان للتخطيط المسبق وتحديد المهام بدقة، والتنسيق والتعاون والتكاتف بين القطاعات- فضلاً عن الأفراد- والجدية في الأداء والحرص على العطاء، والاحتساب والوطنية من قبل جميع المكلفين بالمشاركة في أعمال الحج أمراء ووزراء، ضباطًا وأفرادًا، أطباءً وممرضين، علماء ودعاة، إعلاميين ومثقفين، مستقبلين وسائقين و... أبلغ الأثر وأقواه في تحقيق النجاح المنشود الذي أسعد الوطن وأفرح المواطن والحاج، وتحدث عنه بكل غبطة وإعجاب عبر وسائل الإعلام المختلفة التقليدي منها والجديد كل إنسان صادق مع نفسه موضوعي في قوله محايد سياسيًا وفكريًا، ولو لم يكن مسلمًا، فضلاً عن العربي والمسلم أيًا كان مسكنه ومهما كانت جنسيته ومذهبه، وفي ذات الوقت عظمّ هذا الإنجاز المتميز غيض الحاقد والحاسد والمنافق والعدو وأصابهم في مقتل.
وفي هذه المناسبة السعيدة أتشرف- بعد شكر الرب سبحانه وتعالى- أن أرفع أسمى آيات الشكر وأجزل عبارات الثناء والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين ولولي عهده الأمين، ولسمو وزير الداخلية، ولسمو أمير منطقة مكة المكرمة، ولسمو نائبه ولأصحاب السمو الملكي الأمراء، وأصحاب الفضيلة العلماء، وأصحاب المعالي الوزراء، ولكل من بذلوا الوقت والجهد والمال من أجل موسم حج متميز، فكانت هذه التسهيلات الضخمة والخدمات الجليلة التي نعم بها الجميع حتى المرضى وهم على الأسرة البيضاء. دمتم لنا قيادة ومواطنين، مدنيين وعسكريين، نساء ورجالاً، صغارًا وكبارًا حماة وطن وحراس عقيدة، ودعاة سلم وغصة في حلوق الأعداء، ودامت نجاحاتنا أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة، وفي جميع المجالات وعلى كافة الأصعدة، وكم أنت عزيز يا وطني، وإلى لقاء والسلام.