منى - عبدالله الهاجري / تصوير - حسن الدهيمان:
في آخر مكالمة هاتفية جمعتني بأبني قبل استشهاده في عاصفة الحزم ومشاركته مع قوات التحالف، قال: إنه سيقوم بأخذي لمكة المكرمة لتأدية ركن الحج، صدق أبني وتم تنيفذ وعده، أنا الآن في مشعر منى، وأكرمنا الله بتأدية الحج، لكن المحزن أن أبني ليس موجوداً معي، لقد استشهد بعد مكالمته معي بيوم واحد -قبل شهر رمضان- في اليمن وهو يدافع عن الشرعية،كان أبناً باراً، بره بي وهو في قبره، لقد منّ الله علينا بأن أكرمنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز باستضافة عدد من أسر شهداء السودان للمشاركين في عاصفة الحزم.
هذا كلام والد أحد الشهداء من القوات المسلحة في السودان، حيث أجمع الحجاج المستضافين من خادم الحرمين الشريفين من أسر الشهداء من دولة السودان المشاركين في عملية عاصفة الحزم، في تقديم الشكر والعرفان لمقام خادم الحرمين الشريفين.. وأشار عدد منهم إلى أنهم ينوون الحج منذ سنوات طويلة ولم يتمكنوا بسبب ظروفهم المادية، حتى جاء أمر الملك سلمان وكان كالبلسم والذي ضمد جروحنا في فراق أبنائنا والذين استشهدوا أو أصيبوا في عملية عاصفة الحزم.
حيث أشار المقدم عمر حسن محمد ويعمل في القوات البرية، وصلتنا دعوة الملحق العسكري في السفارة السعودية في السودان بعد أمر خادم الحرمين، وشرعنا في اتخاذ الإجراءات وحصر أسر الشهداء، مشيداً بما لاحظه من جهود أمنية عالية في المشاعر المقدسة وتنظيم عال المستوي مما أنعكس على سلامة وأمن الحجيج، وأبان بأن أهل السعودية أهل شهامة وكرم، حتى أن بعض الأسر معنا قاموا بزيارات لابنائهم المصابين في عاصفة الحزم في مستشفى الطايف.
من جهته قال المقدم جدو آدم إدريس ويبلغ من العمر 46 عاماً ويعمل في الجيش السوداني، بأن هذه هي الحجة الأول له، وما رَآه من جهود وإمكانيات وخدمات فاقت الحدود والتصور، لم نحتاج لأي شيء منذ دخولنا السعودية وحتى هذه اللحظة، وأضاف تواصلت مع الأهل في السودان وقمت بإرسال الصور لهم عن حجتنا والخدمات السعودية المقدمة لنا.
وقال والد الشهيد النقيب أبو ذَر المبارك والذي استشهد قبل أربعة أشهر، أن مكرمة خادم الحرمين الشريفين مكرمة عظيمة، ولقد قمنا بتأدية نسك الحج بكل يسر وسهولة -ولله الحمد-. وقال والد الشهيد والذي يبلغ من العمر 74 عاماً أن أبنه قال بأنه سيذهب للدفاع عن الشرعية في اليمن والوقوف مع السعودية، ففرحت بذلك فالسعودية لها مكانة لدينا، وأسال الله أن يرحم ابني وأن يحفظ لهذه الدولة قيادتها وأمنها وأمانها.
فيما عبر والد الشهيد جامع محمد آدم أن ابنه استشهد وهو في التاسعة عشر من عمره، وأن ابنه قبل استشهاده بأيام تواصل معي وقال بأنه سيقوم بعمل سيتكفل بعملية لي في عيني، حيث أنني أعاني الألم في عيني، وقد أرسل لي بعض المبالغ وهو موجود في قوات التحالف، فيما أشار شقيق الشهيد والذي يعمل مدرساً أن مشاعره بعد تأدية حجه تفوق الوصف، وما وجدناه من خدمات ومساعدة من جميع السعوديين تنم عن كرمهم وبذلهم العطاء وخدمة الحجاج، وهذا ما كنا نسمعه قبل وصولنا إلى المشاعر المقدسة.
إلى ذلك أشار علي محمد علي ابن أحد رجال القوات المسلحة السودانية والذي أصيب في عاصفة الحزم ويرقد الآن في مستشفى الملك فهد بمنطقة جازان، أن ما وجده من كرم الضيافة فاق التصور، أشكر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأشكر الشعب السعودي كافة على ما وجدناه من اهتمام ورعاية.
وقال علي والذي يعمل مهندساً معمارياً ويدرس في إحدى الجامعات، استوقفني الشكل الهندسي والمعماري بالذات في الجمرات، قمت بتصويرها وسأعرضها على طلابي هناك لأخذ فكرة عن هذه الجمالية الهندسية رغم محدودية المساحة.
ووصف شقيق الشهيد عبدالله البلول محمد أحمد، أن ابنه استشهد قبل شهر رمضان، وأن أبنه الشهيد لديه ثلاثة من الأبناء، وكانت آخر مكالمة بيننا يوصينا في أبنائه، وقام بإرسال بعض المبالغ المالية لتأمين أغراض رمضان، ولقد أفرحنا خادم الحرمين بتكرمه واستضافتنا للحج، وهذه بالنسبة لنا أجمل ضيافة.
وقال بلال فضل الله ويبلغ من العمر 79 سنة وهو والد الشهيد ميسرة، أن أبنه الشهيد قبل وفاته اتصل بي وقال سوف أخذك للحج هذا العام، كان أبناء باراً، فرحت بهذا الوعد، حيث إنني لم أحج من قبل ولا أستطيع تحمل مصاريف الحج، جاء خبر أستشهاده فحزنت على فراقه وعلى تبخر أحلامي في الحج.. لكن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حقق لي حلمي، أنا حالياً في منى أديت نسك حجتي دون عناء أو تعب وسط خدمات كبيرة، فشكراً يا خادم الحرمين وشكرا ةً للإخوان في السعودية.