عبده الأسمري
عندما تتحد المواهب في قامة شخصية واحدة تتحدد الحيرة أمام بوابات متعددة وتكون الخيرة في رهان واحد عنوانه «الوفاء والانتقاء والعطاء».. وحينما تكون الكتابة عن مسؤول برداء أمارة وقيادي بحلة دولة فإن المشهد أشبه بمعادلة رياضية ومتراجحة حسابية لا تقبل إلا «ناتج واحد»..
أمير وابن ملك وسليل حكم وعضيد قيادة ومستشار قادة وشاعر وفنان ووزير، كل هذه الملامح وهذا الجمع من الملاحم تجتمع في سيرة أمير منطقة مكة المكرمة ومستشار خادم الحرمين الشريفين الأمير «خالد الفيصل بن عبدالعزيز».
بوجه فيصلي وعينين براقتين هي إرث الفيصل الأبوي تتحركان بنظرات نبيلة وتسكنان بايماءات أصيلة تنطقان هيبة وتنطلقان طيبة بين الجد والود وأثناء الرسمية والإنسانية وملامح أميرية هي ميراث فارس وتراث فرسان تنعكس على وجه ينضخ بالسمو تملؤه الوسامة الملكية التي تشربها من أبوه مع لحية كساها الشيب زادته امتثالاً من الوقار وملأته انتهالاً من القرار وكاريزما عاطرة بفصل الخطاب ماطرة بنبل الجواب وصوت جهوري مسجوع باللغة العربية الفصحى مجموع ما بين قوة التأثير وأثر القوة بلهجة قيادية نادرة تشع بالسجع البلاغي وتسطع بالنبع التنموي يطل خالد الفيصل أبرز أحفاد الأسرة المالكة صاحب السيرة المنفردة بالمسؤولية والقيادية التي اجتمعت في حضورة وتنامت في حضرته.
درس خالد الفيصل القرآن الكريم في السنتين الأولى والثانية في الأحساء، ثم التحق بالمدرسة النموذجية وأكمل فيها دراسته الثانوية وحصل على دبلوم الثانوية الأمريكية من مدارس برن ستون في عام 1961م، ثم التحق بجامعة أكسفورد البريطانية لدراسة العلوم السياسية والاقتصادية في عام 1962م وأنهى دراسته فيها بعد أربعة أعوام.
عاد الفيصل لأرض الوطن وفي يمناه قبضة التحدي وفي يسراه تلويحة الترحيب الوطني فعمل في رعاية الشباب وهو من أسس فكرة إقامة بطولة كأس الخليج ونظرًا لكفاءته وتميزه تم تعيينه أميراً لمنطقة عسير عام 1971 ومكث فيها نحو 36 عامًا حتى دعته الثقة الملكية عام 2007 ليتم تعيينه أميراً لمنطقة مكة المكرمة، وفي عام 2013 تم تعيينه وزيرًا للتربية والتعليم وفي عام 2015 تم تعيينه مستشارًا للملك سلمان بن عبد العزيز، وأمير منطقة مكة المكرمة (للمرة الثانية). وهو عضو في هيئة البيعة السعودية.
في قصر والده بالطائف عاش الفيصل ناهلاً من منابع الحكم باكرًا ومنتهلاً من توجيهات والده الحانية ووصايا أمه المتفانية التي قادتاه لأن يكون مشروعًا بشريًا من المسؤولية وركنًا إنسانيًا من الفكر..
الأمير خالد شاعر كبير وأديب ويلقب شعريًا بـ«دايم السيف» وله مساهمات شعرية وثقافية متنوعة أسس مجلة «الفيصل» وأصدر ديوانين شعريين تضمنا عشرات القصائد النبطية والرسومات التشكيلية وأصدرت مكتبة العبيكان كتابًا ضم دواوين الأمير الثلاثة وقصائد جديدة بعنوان «أشعار خالد الفيصل» وأصدر سموه كتابي «مسافة التنمية وشاهد عيان» و»سياحة في فكر الأمير» وقدم عدة أمسيات شعرية في داخل المملكة وخارجها، وألف «أوبريت التوحيد» ونشيد «نشوة العز» كما شارك سموه بأمسية «الوطن» بمناسبة اختيار الرياض عاصمة الثقافة العربية وقد ترجم شعره إلى عدة لغات عالمية.
يرأس الأمير خالد مؤسسة الفكر العربي التي تدعو إلى التضامن بين الفكر والمال للنهوض بالأمة العربية، ويدير مؤسسة الملك فيصل الخيرية التي تحتضن جائزة الملك فيصل العالمية وعدداً كبيرًا من المراكز البحثية والمعاهد التعليمية.
تضامن الشعر مع الفن وإبداع الحنجرة مع امتاع الأنامل في شخصية الفيصل حيث يعد رسامًا وفنانًا تشكيليًا وله لوحات فنية تشكيلة مميزة وأقام المعرض المشترك مع الأمير تشارلز ولي العهد البريطاني ضمن مبادرة (رسم ورعاية) انطلقت عام 1999. نال الفيصل عشرات الأوسمة المحلية والخليجية والدولية من مؤتمرات دولية ومن جمعيات خارجية ومن زعماء دول التي حصدها لدوره الوطني والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والفكري ويرأس العديد من الهيئات واللجان وله عشرات العضويات المتميزة إقليميًا ودوليًا.
في عسير ومكة وبين عمق التنمية وأفق الفكر وأعماق الوطنية وآفاق الشعر شكل الفيصل مشهدًا حاضرًا ناضرًا كقامة حفرت قرارات العطاء على بوابة التاريخ كبطولة مطلقة وسطرت المجد «كتاكيد دهري» يبقى ملازمًا للأسم متلازمًا للشخصية.
أدوار تنموية خالدة كان توقيع الفيصل فيها شاهد على العصر ووقع قراره شهيد على المرحلة.. مسافات ودروب ومحافل رسمها الفيصل بحكمته وحنكته وفكره ليكون أنموذجًا للاعتدال والامتثال نظريًا وميدانيًا فكرًا وعملاً..