كوثر الأربش
يبدو أن إعلامنا بمجمله لا يعمل جيدًا إلا تحت ضغط ما، هذا ما لحظته في التغير الواضح والمبهر لإعلامنا في تغطية الحج. مما جعلني أفكر مليًا: هل كنا بحاجة لهجمة إعلامية قذرة لنري العالم ما لدينا من أعمال كبيرة؟ المملكة تقدم خدماتها للحجاج منذ مئة عام وأكثر. كل عام تتضاعف الخدمات وتواكب أحدث ما وصل له العالم من تقنيات حديثة، خدمات صحية، سكن، وغيرها. لكن الإعلام وحده لم يكن يواكب ضخامة المنجز. هذا العام يمكنني وصفه بـ»الصحوة» للإعلام الوطني. على جميع مستويات الإعلام المرأي والمسموع وشبكات التواصل الاجتماعي كان هناك طرح مغاير، أسلوب عصري ولافت وسهل وملم. كما قلتُ، لاشيء جديدا، خدمات الحجاج مسؤولية يحملها القادة في المملكة أبًا عن جد، و يخصصون لأجلها أضخم الميزانيات. الجديد فقط أن الإعلام استفاق من غيبوبته. أدرك أن الوقت قد حان لمواجهة خصوم غير نزيهين، يحاولون تزييف الواقع، لمآرب سياسية محضة.
ما حدث قبل الحج ببضعة أيام من مطالبات بتدويل الحج، دفع إعلامنا لأن يحقق إبهارًا لافتًا في تغطية الحج. قبل مدة يسيرة قلتُ لمسؤول من قناة الإخبارية: مايعجبني شغل سلق البيض هذا، فرد عليّ ببلوك!
كعادة معديهم، يتحدثون للضيف قبل موعد المداخلة أو اللقاء ببضع ساعات، وإن كنت محظوظًا فإنهم يهاتفونك في الصباح لتكون في الاستوديو مساءًا. هاتفني مسؤول من القناة، وطلب مني مداخلة قبل موعدها بدقائق هذه المرة. كنتُ مسافرة وأحتاج لاطلاع أكثر عن القضية. طلبتُ منه المادة وأرسلها ثم قال بعدها فورًا: ها، استاذة كوثر، جاهزة!!
لستُ وحيدة في رأيي هذا، وكثيرون من كتَّاب الرأي والمختصين منزعجون من عدم الجدولة وسوء التحضير لمعدي برامج الإخبارية. في كل مرة يدعوني، كنتُ ارسل لهم رسالة واضحة أن ما يفعلونه ليس احترافيًا. يقول الاسكندر الأكبر: «لقد استفدت من أعدائي أكثر مما انتفعت بأصدقائي، لان أعدائي كانوا يعايرونني ويكشفون لي عن عيوبي و بذلك أتنبه إلى الخطأ فأستدركه، أما أصدقائي فانهم كانوا يزينون لي الخطأ ويشجعونني عليه. فاللهم احفظني من أصدقائي». فليتهم في الإخبارية يتعلمون من إعلام الحج لهذا العام. هناك شواهد كثيرة واضح أنها نتيجة إعداد مدروس؛ صورة رائعة من السماء لسيارات نقل الحجاج، صورة أخرى احترافية لسيارات الإسعاف تسير منتظمة ومتجهة للمناسك. هذا عدا بقية الجهود المشكورة لتصوير أحدث تقنيات الرذاذ البارد في جسر الجمرات ومنى.
وغيرها مما يثلج الصدر، ويقطع على الخصوم المتذرعين بالأكاذيب أي محاولة للتنقيص من جهود المملكة في خدمة حجاج البيت الحرام. فشكرًا للخصوم حقًا، وشكرًا للجهود السعودية الجبارة في التغطية الإعلامية المميزة هذا العام.