ياسر صالح البهيجان
من المنطقي أن يحظى المواطنون بتعليم عام مجاني، لأن إكسابهم الكفاءة التعليمية حق يفرضه انتماؤهم إلى الوطن، إلا أنه من غير المنطقي أن يحصل غير السعوديين على ذات الامتياز في المدارس الحكومية، وهذه ليست دعوة عنصرية لإقرار رسوم على الطلبة الوافدين، ولكنه مطلب مشروع معمول به في دول العالم كافّة.
الطلاب والطالبات غير السعوديين يشغلون أكثر من مليون مقعد دراسي في مدارس التعليم العام بالمملكة، ويستفيدون من المنشآت التعليمية ومرافقها، ومن جهود المعلمين والمعلمات، ومن المناهج الدراسية ومحتوياتها، وهذه الخدمات ذات القيمة العالية تستحق أن تقّدم بمبلغ مالي سنوي، يساهم في تطوير القطاع التعليمي، ويخفض من تكاليف الميزانية المرصودة لوزارة التعليم المخصصة من مصروفات الدولة، ومن شأنه أن يزيد من فرصة تنامي الإيرادات غير النفطية في ظل اتجاه المملكة إلى تنويع مصادر الدخل.
الرسوم المقترح فرضها على الطلبة غير السعوديين لا تقتصر على المدارس الحكومية، حتى المنشآت التعليمية الأهلية من الضروري أن تستقطع جزءًا من دخلها الذي يدفعه غير المواطن، ليُستفاد منه في تنمية التعليم بالمملكة، وهو جانب من جوانب المسؤولية الاجتماعية، وليس بدعة غير مطبقة على المستوى الدولي، وإنما حق وطني لابد من توفيره لدعم الواردات الحكومية، فالمدارس وإن كانت ملكية خاصة، إلا أنها تستفيد من الخدمات الحكومية المحيطة بها كتعبيد الطرق وإنارتها، ووصول المياه النقية إليها، وغيرها من العوامل المساعدة لنجاح عمل تلك المنشآت.
من حق وطننا على من يقيمون فيه، وينعمون بأمنه وتعليمه وخدماته أن يلتزموا بالرسوم المفروضة، والتي ستعود في نهاية المطاف إلى السكّان جميعًا، بذهابها نحو تمويل المشاريع التطويرية المساهمة في تحسين جودة الحياة، والرقي بمستوى الخدمات المقدمة لهم، وهم يدركون أن بلدانهم قد نفذوا تلك الرسوم على غير المواطنين منذ سنوات، وحان الوقت لتنتهج المملكة هذا الأسلوب أسوة بغيرها.
التعليم المجاني لغير السعوديين كانت له ظروفه الاقتصادية في السابق، أما في الوقت الراهن فإن الظرف قد تغيّر، والتحديات تزايدت، والرؤية الطموحة الجديدة تفرض علينا إعادة تقييم ما اعتدنا على القيام به في العقود الماضية، إن أردنا أن تمضي مساعي الاصلاح الاقتصادي نحو النجاح، ويجني الوطن والمواطن ثمارها في السنوات القليلة المقبلة.