فهد بن جليد
أحد أسرار نجاح الإدارة الأجنبية وتفوقها على الإدارة العربية، يكمن في التوثيق الكتابي والتدوين اليومي حتى لمهام أصغر الوظائف وأبسطها، وهو ما نتجاهله في علم الإدارة العربي كثيرًا.
كتابة المهام ووصف الأدوار والخطوات التي يلعبها ويؤديها الموظف يوميًا بشكل واضح ومُفصل، تمنح الفارق في تجوِّيد الأداء ورفع مستوى الخدمة بين مُختلف المؤسسات، تدوين الواجب اليومي للموظف وتسجيل ملاحظات المهام بشكل مكتوب ومُعلن مُتفق عليه، يضمن وضوح المسؤولية وحدودها لكل فرد في منظومة العمل، بما يمنع الازدواجية والتداخل، ويمنح الإدارة أفضل وأدق أساليب القياس والمراقبة الحديثة بالتخطيط الناجح، بعيدًا عن التخبط والاجتهاد تبعًا للمزاجية والعاطفة، فما لا تستطيع إدارته حتمًا لن تستطيع قياسه.
لذا وقعت المنظمات الإدارية التقليدية في خطأ الاعتماد على المُشافهة في التنفيذ والمراجعة والقياس، بالركون إلى - قدرات الموظف الشخصية - في الإنجاز، دون أن يكون هناك خطوات مُحددة مكتوبة وموثقة بالاتفاق بين الطرفين، يجب العودة إليها متى ما لزم الأمر ذلك.
تجاهل هذه الخطوة الإدارية، قد يكلف المُنظمة الكثير حال غياب الموظف أو فقدانه أو استقالته وانتقاله إلى المنافس، وتبعًا لمثل أمريكي شهير حول ارتفاع احتمالات خسارة الموظف في أي لحظة - وكل يوم - حتى في حادث دهس عند عودته من العمل إلى المنزل، أطلقت عديدًا من الشركات هناك منصب نائب الرئيس للتوثيق والجودة، وهو منصب يراقب ضرورة توثيق الخطوات والالتزام بها، والاعتماد على أجهزة الشركة في التنفيذ، وتدوين الخطوات والملاحظات بشكل يومي، بما يضمن امتلاك المنظمة بشكل مستمر طوال الوقت لتلك القواعد مكتوبة، كحق أصيل للمنشأة وليست من خصوصيات الموظف، بما يسهل تأدية العمل ومعرفة أسراره وخيوطه الرفيعة من قبل أي موظف آخر عندما تفرض الحاجة ذلك.
المنظمات العربية لا تعتمد في الغالب على هذا النوع من التوثيق والوصف الوظيفي - كراس البريسيجر- لكل الوظائف والمهام في خريطة العمل والإنتاج، هربًا من التكلفة المالية الإضافية لهذا النظام، بعكس المنظمات الإدارية الأخرى التي مكنها هذا الأسلوب الإداري من متابعة الأداء وقياسه ومراجعته وتطويره بشكل فعَّال أكثر، حتى لتلك الوظائف الثانوية، وهنا يكمن السر الذي يجب أن يدركه المديرين العرب.
وعلى دروب الخير نلتقي.