يوسف المحيميد
لا بد أن الظروف المالية منذ نحو عشرة أعوام وحتى الآن ستغير العالم، منذ أزمة 2008 المالية والعالم يتجه إلى التقشف وترشيد الإنفاق، ونحن جزء من هذا العالم، العالم الذي يتململ على المستويين الاقتصادي والسياسي، فهناك ما يقود التركيبة الكونية إلى آفاق جديدة، حيث تتنافس الدول على أن تضع أقدامها جيداً في المكان المناسب، وفي الوقت المناسب أيضًا، وكأنما من فقدت بوصلته المكان والتوقيت المناسبين سيكون في ذيل ترتيب هذا العالم الجامح نحو التغيير، وكأنما من تعجَّل في ذلك سيدفع فاتورة تكاليف ذلك أكثر من غيره!
ولا شك أننا كجزء من هذا الحراك نشهد هذه التحولات في مجتمعنا، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، وبسببهما سيتغير حتمًا سلوكنا الاجتماعي، فما حدث خلال مرحلة الطفرة من ثروات ومال وسعة في العيش، وأيضا إسراف في سلوكنا اليومي والحياتي، سيتغير بالتدريج إلى نمط آخر من العيش، فالبذخ في النمط العمراني ووسائل المواصلات والتنقل والاستهلاك واستخدام العمالة المنزلية وعمالة الصيانة وغيرها، ستصبح من الماضي، حينما يصبح النقل العام عنوان المرحلة الجديدة، وتتوفر التسهيلات الحياتية خارج المنزل وليست داخله، أسوة بما هو في العالم المحيط، ونجاحنا في ذلك تحكمه الدولة من جانب، والمواطن من جانب آخر، فما تقوم به الدولة من خطوات وتسهيلات، وتأمين سبل العيش الكريم والغطاء الطبي للمواطن والنقل الجيد والترفيه والتثقيف، وغير ذلك، سيسهم في تغيير سلوك المواطن سريعًا، ولن يحتاج إلى وقت أطول للتعلم على حياة جديدة، حتى وإن بدت أكثر تقشفًا، فهي أكثر ملاءمة للإنسان المعاصر، إنسان العصر الرقمي، وما يجعل فرصتنا أكثر قابلية من غيرنا، أن نسبة الشباب من الجنسين في مجتمعنا أكثر من ستين بالمائة، وهو ما يسهل انتقالنا إلى مرحلة جديدة بشكل متدرج وسلس، بما يضمن نجاحنا في الانتقال إلى مجتمع جديد يصبح فيه كل شيء من الماضي، فلن نعود إلى مرحلة ما بعد 1979 كما صرح ولي العهد يحفظه الله.
نحن بخلع ثوبنا القديم، على كافة المستويات، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، نكون فعلا قفزنا في الوقت المناسب، وفي المكان المناسب الذي يليق بنا، وأصبحنا نضاهي الدول والأمم، تلك القفزة التي يكون فيها المواطن العنصر الأول والمؤثر الفاعل لنجاحها، وهو قادر على ذلك في مجتمع شاب ومتجدِّد كمجتمعنا السعودي.