د.عبدالعزيز العمر
التعليم بحسب دوركهايم ما هو إلا ترجمة لكل الجهود التي تبذل من أجل نقل معرفة وخبرات الجيل السابق إلى الجيل اللاحق، وذلك بغرض إدماج الجيل الجديد في ثقافة وقيم مجتمعه (socializing)، وهنا يؤكد دوركهايم، أن المجتمع يستطيع من خلال التعليم فقط، أن يحافظ على بقائه وعلى تجانس وتماسك نسيج أفراده. وبذلك يكون التعليم أحد أهم مفاصل عملية تحديث أي مجتمع بشري، فهو يشكل ويعزز معرفة ومهارات وقيم الناس ليصبحوا أكثر فهماً للعالم من حولهم وأكثر عقلانية في تفكيرهم، وينمي لديهم الخلق والذوق الإنساني الرفيع ، وتُعد الهند مثالاً صارخاً يبرز دور التعليم في تقدم وتطور الأمم ، فالهنود يعزون تطور مجتمعهم إلى تعليمهم المتميز (هل سبق أن سمعت بمجاعة في الهند رغم مليارية السكان؟), معظم الذين يقودون عملية تطور تقنيات المعلومات والاتصال اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية هم من الهنود المهرة، ويعمل كثير منهم في وادي السيلكون (قلعة عالمية أمريكية لتقنيات الحاسب)، بل إن خريجي بعض معاهد الحاسب الهندية محجوزون من قِبل عدة شركات عالمية أمريكية وأوربية لعدة سنوات قادمة, ومؤسسة التعليم عموماً لا تكتفي بنقل خبرات الأجيال السابقة والحفاظ على تماسك المجتمع، بل إنها تذهب إلى أبعد من ذلك ، فهي تُعد الجيل الحالي لمواجهة متغيرات ومستجدات المستقبل المتوقعة، وتزودهم بالمعرفة والمهارات والقيم اللازمة لذلك، في بعض تخصصات الجامعات الأمريكية بوصول الطالب إلى السنة الرابعة تكون معظم مقررات السنة الأولى الجامعية قد فقدت صلاحيتها ليتم استبدالها بمقررات أحدث، أما جامعاتنا العربية فتقدم لطلابها مقررات أكل عليها الدهر وشرب.