«الجزيرة» - عبده الأسمري:
تتعالى همم نسوة مكيات مع بدء مواسم الحج كل عام حيث تجتمع أكثر من 2500 سيدة مكية من الوريثات لمهنة الطوافة العتيقة التي اشتهرت بها أسر في الحجاز وفي سهول مكة وهضابها المعتقة بالفضل يسجلن كل عام قصة الفلاح والكفاح والنجاح متسلحات بهمة المهنة المتوارثة من آبائهن وأجدادهن ويتوجهن إلى مشاعر مكة العابقة بالقدسية حيث يبدأن التنسيق باكرًا عن طريق لجان مختلفة تتبع لمؤسسات طوافة في مكة.
تتركز مهمة المطوفات على الضيافة المكية الأصلية التي بدأت منذ عقود باستقبال الحجاج من الدول المختلفة بكرم أصيل واستقبال نبيل حتى يؤدوا مناسك الحج بكل راحة مركزين على الضيافة والاستضافة متشربين من تراث مكة روح الخدمة الأصيلة لضيوف الرحمن. هؤلاء النسوة المفعمات بالحيوية باختلاف أعمارهن ومواهبهن ومهارتهن يجتمعن على راية مساعدة الحاجات وتوفير كل ما يحتجن إليه، إضافة إلى رسم مشهد الضيفة والعون..التوقيت موسم حج مبارك ومناسك عمرة عاطرة بالذكر والشكر والأجر والأماكن هي مشاعر مقدسة لبست حلة من الطهر تلك المواقع التي شهدت انطلاق الرسالة المحمدية.
المطوفات المتسلحات بإيمانهن المتوشحات بصفات وسمات يمثلن بنات وأسرًا مكية معتقة بحب مكة وعشق مواسمها التي تعلوها رياحين العبادات وتزخر بنا ميادين النسك الدينية على مدار العام. وتؤكد رئيسة الفريق الميداني المطوفة/ إيمان باشا للجزيرة أنه ومنذ الأزل والمطوفة تساعد المطوف في عمله في مهنة الطوافة وكانت تقوم بإعداد واجبات للحجاج ومساعداتهم وكأنهم أسرة واحدة وتنشأ علاقات صداقة ومحبة بينهم فيأتون الأعوام المقبلة بالسؤال عن المطوفة مدى خدماتها وقيادتها الرشيدة وبدأ العمل بشكل تطوعي عام 1422هـ وتشكلت اللجنة النسائية الرسمية عام 1426 هـ وكانت مكونة من عدة مطوفات تؤدي اللجنة الأنشطة من الذهاب إلى مساكن الحاجات وجلبهن بحافلات إلى مقر اللجنة وتقديم لهن برامج توعية واجتماعية وصحية وثقافية ودينية وتوزيع هدايا لهن ومن ثم العودة إلى مساكنهن كانت فيها نوع من المشقة على الحاجة إلى أن تطورت الخدمات والأنشطة فأصبحت المطوفة وفريق العمل مكونًا من مساعدات وعضوات يوجدن في برج من أبراج الحاجات وأخذ مكان يسع الحاجات وتقديم كل البرامج والهدايا والحمد لله على أن تكلل هذا العمل بالنجاح والتوفيق ونطمح إلى مزيد من التقدم والتطور لتقديم خدمات أفضل لحجاج بيت الله الحرام بإذن لله.
وتضيف باشا وهي من أشهر المطوفات في مؤسسة الطوافة لحجاج الدول العربية لـ»الجزيرة « أنها تسعد كثيرًا مع زميلاتها وهن يستعددن لموسم الحج والعمرة بوضع خطط مفصلة لكل شيء بدءًا من استقبال وفود ضيوف الرحمن وحتى مغادرتهن، موضحة أنهن ارتبطن بالمهنة ارتباطًا قديمًا فقد ورثت المهنة من آبائها وأجدادها ويعملن على توفير الخطط اللازمة لاستقبال المعتمرات والقادمات من الدول العربية ولديهن لجان متعددة للاستقبال والمتابعة والضيافة وتعليم النسك وأيضًا تحفيظ القرآن الكريم وتوفير خطة ومنظومة كاملة الخدمات لكل من يأتي من المعتمرات والحاجات والزائرات لافتة إلى أن العمل يقوم على أسس وهي متوارثة منذ عقود طويلة ودائمًا ما يتم توظيف هذه الرؤى والأسس بين أجيال المطوفات المكيات.
لا يرتكن إلى أيام معينة فعملهن طوال العام في وقت تمتلئ فيه المشاعر المقدسة بالضيوف القادمين من كل مكان ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات أثناء الحج ووقت طوال العمرة للعمرة والزيارة للحرم المكي والحرم المدني.
حفاوة الاستقبال المكي
كان أول وفد يأتي هذا العام من ضيوف الرحمن هم القادمون من دولة السودان حيث تم استقبالهم بالورود والتمور والهدايا ونسخ من القرآن الكريم وسقاية من ماء زمزم يتم تجهيزه لهذا الغرض.ويقمن بمتابعة العجزة منهن وتوفير الخدمة لهن إضافة إلى وجودهن بشكل دائم في المشاعر كمرشدات للحاجات لإتمام مناسكهن إضافة إلى تعليمهن مناسك الحج ومساعدتهن في إيصال الفتاوى الخاصة بهن إلى المكاتب المخصصة لذلك وأيضًا تقديم كل العون لهن وتقديم العون الصحي اللازم في حالة الطلب ومتابعة شؤونهن.
في عقود مضت كان المطوفون والمطوفات يستقبلون ضيوف الرحمن في منازلهم قبل وجود الفنادق ومواقع الإيواء ويقدمون لهم الضيافة الكاملة من المأكل والمشرب والإقامة مما أسهم في نشوء ارتباط أزلي بين مهنة الطوافة وضيوف الرحمن، حيث أسهم ذلك في رسم مشاهد اجتماعية وأسرية وإنسانية لا تزال حاضرة حتى اليوم فلا تزال المهنة حاضرة بأسمى صورها وأجمل مشاهدها شاهدة على مهنة شريفة تتعلق باسمى مكان وزمان.
هنالك تنوع في أعمار المطوفات وبعضهن تصطحب بناتها لتعليمهن المهنة حيث إنها ستورثها إليهن بعد زمن.
إعداد الطعام وحكايات التراث المكي
من جهة أخرى تقول المطوفة سونة عبدالله عبدالقادر السباعي إن مهنة الطوافة مهنة عريقة ورثناها أبًا عن جد أهدافها خدمة حجاج بيت الله الحرام وإظهار مملكتنا الحبيبة بالمظهر اللائق لينقل الحجاج عنا صورة مشرفة، الفرق ماضيًا كان المطوف يسافر بنفسه إلى البلد التي يريد أن يؤتى بالحجاج منها ويحدثهم عن مهنته وما سوف يقدمه لهم عند ذهابهم معه للحج وكان يأخذ حجاجه ويساعده أبناؤه ويسكنهم في داره بالقرب من الحرم ويذهب بهم للحج وينصب لهم الخيام في عرفة ومنى ويطوفهم بنفسه في الحرم ويذهب بهم لزيارة المدينة المنورة ثم يعودون لبلادهم سالمين إما في الحاضر فمؤسسة الطوافة وهي المسؤولة عن جمعهم وإحضارهم ويساعدهم المطوفون جماعة في خدمتهم من تسكين وإطعام وأداء مناسك الحج كاملة قصص وارتباطها بالنساء إسكان الحجيج بالمنازل وأشارت سونة كان جدي رحمه الله يذهب بنفسه لإحضار الحجاج فنتهيأ لاستقبالهم بتفريغ المنزل كاملاً بما فيه من أثاث ونضعه في الغرفة التي بالسطح ونمكث في السطح طوال مكوث الحجاج في منزلنا ونخدمهم ونعد لهم الطعام يوميًا ولا نتأفف منهم أبدًا ونجالسهم ونتسامر معهم ونحكي لهم الحكايات عن تراثنا وعاداتنا وأكلاتنا التي نشتهر بها ولامانع من تعليمهم كيفية تحضيرها إما في الحاضر فكانت هناك فترة اقتصر فيها العمل على الرجال المطوفين ثم عادت المشاركة الفعالة للنساء منذ سنوات قليلة فأصبحت المطوفة تشرح المهنة للحاجات وتتقابل معهن وترشدهن وتحتفل بهن وتقدم لهن ما نستطيع من الضيافة العربية والتعريف بالمهنة وشرح التراث والتوجيهات الصحية وتقوم بخدمتهن بما تقدر عليه وهذه المهنة نتشرف نحن المطوفات ونفتخر بها إذ أعدنا الله وتميزنا بها وكرمنا لخدمة حجاج بيت الله الحرام
برامج دين وصحة وثقافة
من جانب آخر أشارت المطوفة علا عقيل إلى أن مهنة الطوافة من المهن العريقة التي توارثها أهل مكة أبًا عن جد وكان للمرأة دور كبير ومهم فكانوا يستقبلون الحجاج في بيوتهم ويقومون بإعداد الطعام لهم بأنفسهم مما كان له الأثر الكبير في خلق روح الأسرة الواحدة وأُغفل عمل المطوفة لأعوام ولكن بفضل من الله ثم حنكة موسسة الدول العربية إتاحة المجال من جديد للمرأة من نزول الميدان وخدمة ضيوف الرحمن فأنشأت العديد من اللجان التي تخدم الحجاج في عدة مجالات أذكر على سبيل المثال اللجنة الميدانية الاجتماعية تقوم هذه اللجنة باستقبال الحجاج أثناءأديا صلاة العيد مع قدومهم وضيافتهم ومن ثم تقوم بعمل برامج توعية مختلفة في الدين والصحة والسلامة والثقافة وتطلعهم على تراث أهل مكة وعاداتهم في موسم الحج والحمد لله لاقى هذا البرنامج إعجابًا شديدًا من قِبل الحجاج والحمد لله ان سخرنا في هذه الأيام الفضيلة لخدمة ضيوف الرحمن.