عيد الأضحى هو أحد العيدين عند المسلمين (والعيد الآخر هو عيد الفطر)، يوافق يوم 10 ذي الحجة بعد انتهاء وقفة يوم عرفة، المذكور في قوله تعالى: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة- آية 3]. يُعتبر هذا العيد ذكرى لقصة إبراهيم عليه السلام عندما أراد التضحية بابنه إسماعيل تلبية لأمر الله؛ لذلك يقوم المسلمون بالتقرب إلى الله في هذا اليوم بالتضحية بأحد الأنعام (خروف، أو بقرة، أو إبل)، وتوزيع لحم الأضحية على الأقارب والفقراء وأهل بيته. ومن هنا جاء اسمه عيد الأضحى.
وهو أكبر العيدين، وأفضلهما في الإسلام، وفيه يعمل الحاج أعمالاً عدة إكمالاً للحجِّ وتتمة له. ويرى بعض العلماء أنه أفضل أيام السنة على الإطلاق؛ فهو يفضل حتى على يوم عرفة، قال ابن القيم رحمه الله: «خير الأيام عند الله يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر، كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر).
ومدته شرعاً أربعة أيام على عكس عيد الفطر الذي مدته يوم واحد؛ فقد روى أبو داود والترمذي في سننه أن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قَدِمَ المدينةَ ولَهُمْ يومَانِ يلعبُونَ فيهِمَا فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: (قدْ أبدلَكم اللهُ تعالَى بِهِمَا خيرًا مِنْهُمَا: يومَ الفطرِ ويومَ الأَضْحَى). وأيضا روى الترمذي في سننه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: «يومُ عرفةَ ويومُ النحرِ وأيامُ التشريقِ عيدنا أهلَ الإسلامِ، وهيّ أيامُ أكلٍ وشربٍ». فمن هذا الحديث نستنتج أن العيد يومان، يوم للفطر ويوم للأضحى، لكن يلحق بالأضحى أيام التشريق الثلاثة؛ فيصبح مدته أربعة أيام؛ ولهذا فإن جمهور العلماء يمنعون صيام هذه الأيام تطوعًا أو قضاء أو نذرًا، ويرون بطلان الصوم لو وقع في هذه الأيام.
لعيد الأضحى أسماء مختلفة، منها: يوم النحر، ويسمى في فلسطين والأردن ولبنان ومصر والمغرب وتونس والعراق وليبيا والجزائر (العيد الكبير)، وفي البحرين (عيد الحجاج)، وفي إيران (عيد القربان). وتتسم أيام العيد بالصلوات وذكر الله، والفرح، والعطاء، والعطف على الفقراء والمساكين.. وتزدان المدن والقرى الإسلامية بثوب جديد. كما أن الأطفال يلبسون أثوابًا جديدة، وتكثر الحلوى والفواكه في بيوت المسلمين.
يوافق عيد الأضحى يوم 10 ذي الحجة، وفيه يحتفل العالم الإسلامي بهذه المناسبة الكريمة في كل أنحاء الأرض، ويمتد حتى 13 ذي الحجة؛ إذ ينهي الحجيج مناسكهم قبله بيوم واحد، وهو آخر الأيام التي يتم بها الحج. وتكون ذروة هذه المناسك يوم 9 ذي الحجة الذي يصعد به الحجاج إلى جبل عرفات.
التكبير في العيد سُنة مؤكدة
العيد في منهج الإسلام عبادة وعمل، سرور وشكر، بهجة وفرحة، سلوكيات وأخلاق، عفو وإخاء، فالناس يتبادلون التهاني والتبريكات، ويتصالحون، وتعقد مجالس الحب والتراحم والمودة فتتجدد العلاقات الإنسانية، وتقوى الروابط الاجتماعية بين الناس، وتنمو القيم الأخلاقية، وتعلو قيمة التآخي والتعاون والبذل والعطاء والجود والكرم والتراحم والتعاطف إلى حد أن تذوب المصالح الشخصية.
وتعد الفرحة بالعيد من الشعائر التعبدية، التي ينبغي إحياؤها وإدراك مقاصدها واستشعار معانيها؛ فالعيد معيار لمعرفة أخلاق الأمة في كل جوانب الحياة فيها؛ وذلك لأن مجموع الأمة تظهر بعوائدها على حقيقتها في هذا اليوم المشهود، الذي فيه فسحة، فتسمو بأخلاقها وأعمالها إلى أرفع ذروة، وتمتد فيه مشاعر الإخاء إلى أبعد مدى، ويظهر المجتمع المسلم متماسكًا متعاونًا متراحمًا متزنًا، فتسمو فيه القلوب بالحب والإخاء والبر والصفاء، وتزيل عنها أدران التفرق والشتات المكتسبة بفعل النفس والشيطان والهوى، ويظهر المجتمع وكأنه لحمة واحدة.
عيد الأضحى يتواصل فيه العمل بما بعده:
إن مما يميز عيد الأضحى على عيد الفطر أنه تلحق به أيام فاضلة:
1- يوم القر:
في هذا اليوم لا يزال الحاج يؤدي فيه بعض المناسك، ولا يزال العبد المؤمن يتقرب إلى الله في هذا اليوم بالذكر والعبادة، ويواصل العمل بالعمل، ويداوم عليه إلى انتهاء أيام التشريق. ولقد جاء في فضله حديث شريف قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القرّ».
2- ثلاثة أيام التشريق:
أيام التشريق أيام عبادة وذكر، فالناس يذكرون الله، ويواصلون العبادة حتى يرحم الله من شاء منهم. عن نبيشة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إنا كنا نهيناكم عن لحومها أن تأكلوها فوق ثلاث لكي تسعكم فقد جاء الله بالسعة فكلوا وادخروا واتجروا.. ألا وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله -عز وجل-».
سائلاً الله للجميع المغفرة، وكل عام والأمة الإسلامية بخير وصحة وعافية.
** **
- د. فهد بن عبدالرحمن السويدان