نوف بنت عبدالله الحسين
(اختلفنا من يحب الثاني أكثر...
واتفقنا أنك أكثر...
وأنا أكثر...
أسير الشوق)
التناغم ليس تشابهاً بقدر ما هو تقارب في الأفكار واحترام الاختلاف.. هو تعايش اللحظة وتقبّل المسافة..
التناغم انسيابية روح وتآلف وجدان وترافق وانسجام... هو عزف لآلات منوّعة.. مختلفة في الإيقاع ومنسجمة في المعنى..كاختلاف أفكارنا ودياناتنا وتوجهاتنا وجغرافيتنا وبيئاتنا.. الاختلاف هو جوهر تميزنا وتفاعلنا مع الآخرين... ليس بالضرورة التشابه...بل الأهم التوافق مع هذا الاختلاف.. لنختلف كما نشاء..نشجع الفريق الذي نحب.. نلبس الذي نرغب.. نقتنع بما نشعر به... لكن لنتكيّف مع من حولنا بحب.. وباقتناع تام عن توافقنا في الاختلاف... كم هو جميل أن نبارك للفريق المنافس... وأن نفرح لأفراح الآخرين.. ونشاركهم مناسباتنا.. ونقتسم معهم اختلافنا.. ونتنازل قليلاً عن كبريائنا... لنجعل من الاختلاف مصدر فرح وسعادة واعتزاز.. وهنا يحدث روعة التناغم في نسيج متكامل مترابط..
التناغم مطلب في كل مكان... حتى من داخل البيوت.. ومع أقرب المقربين الذين نختلف عنهم ويربطنا بهم ما هو أعمق من الاختلاف.. فالتناغم يصنع السلام ويساعد على استكنان الأرواح واستقرار النفوس.. إنه التواجد حول الجميع بهويتك وبصمتك.. بكيان داعم يناغم ويتناغم.. إنه الارتقاء نحو الجمال في النفوس.. والبحث عن مكامن الخير في الآخرين.. ليتنا لا نفتش عن اختلاف الآخرين أو نرغمهم على أن يشبهوننا أو أن يقتنعوا بأفكارنا.. بدلاً عن ذلك.. ليتنا نبحث عن ما يجعلهم جميلين في نظرنا.. فنتقبل اختلافهم.. ونفرح بهم.. وندعم أفكارهم...
ليس بالضرورة أن نتفق... لكن لنبتعد عن إطلاق الأحكام... فهي تدمر الاختلاف.. وتفسد للود قضية..
كم هو جميل أن نرى اختلاف الآخرين بوضوح.. من خلال زجاجة صافية.. دون أن تكون مبقعة بأحكام مؤذية... فالاختلاف المبالغ فيه يصدر نشازاً ويلغي التناغم ... بل اختلف برقي وبمصداقية... واحتفظ بجمالك... واحفظ للآخر مكانته.