ماجدة السويِّح
المكارثية الأمريكية خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي كانت هي الطريقة الأشهر للنيل من المعارضين والمثقفين، باتهامهم بالتعاطف أو التجسس لصالح النظام الشيوعي الذي يؤمنون به. المكارثية اليوم امتدت وتسارعت شهرتها كطريقة سريعة وسهلة، لإسكات المنتقدين أو المثقفين عند إبداء آرائهم فيما يخص المجتمع وقضاياه.
خطاب وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى فيما يخص زيادة ساعة النشاط خير دليل على انتهاج النهج المكارثي في النيل من المنتقدين للقرار.
خطاب العيسى في جزئيته الخاصة بالمنتقدين وجه خطابه لهم «الشكّاؤون البكاؤون المعترضون على كل قرار» وهم قلة كما يزعم العيسى هدفهم عرقلة التنمية ووقف التطوير والإصلاح، فهو لا يرى في الانتقاد سوى الجانب السلبي دون النظر للجانب الإيجابي من تفاعل ومشاركة المعلمين والمعلمات، والخبراء بمجال التربية والتعليم بآرائهم من الميدان التعليمي، أو من الأسر التي تعايش الأوضاع التي يعيشها أبناؤها في المدارس الحكومية أو المستأجرة.
فالانتقاد في رأي وزارة التعليم للقرار التي ترى صوبه، وتأبى أن تستمع لآراء المعايشيين للواقع التعليمي والممارسين للعملية التعليمية، يصدر من قلة تدعمها وتغذيها معوقات مجهولة، ودول ومجموعات معادية لبلادنا حسب رأي العيسى في خطابه المكارثي، فإن لم تكن معي فأنت ضدي، فالمكارثية في الوقوف ضد المنتقدين للقرار سابقة ستذكر لوزير التعليم، الذي تجاهل الأسماء والمعرفات بأسمائها الصريحة ونقدها البناء للقرار، الذي يمس شريحة كبيرة من المجتمع طلاباً وطالبات، معلمين ومعلمات.
الكل بلا مبالغة ينشد التطور والإصلاح، ويعرف المنافع العظمى من ممارسة الأنشطة داخل البيئة المدرسية، والدليل تسابق الكثير من الأسر على تسجيل أبنائها في المدارس الأهلية، التي تطبق الأنشطة اللا منهجية والرياضية، فالبيئة المدرسية والمدرسون المخصصون لكل تلك الأنشطة،كفيل بتحقيق الهدف من النشاط اللا صفي.
الظروف المحيطة بالعملية التعليمية لا بد من أخذها بالحسبان، كالمدارس المستأجرة وغير المجهزة، والتكدس في الفصول ونقص المعلمين والمعلمات، وصعوبة المواصلات خصوصًا للمعلمات المغتربات في مناطق نائية.
فهل فكرت الوزارة بالمعلمة التي تتجهز لمغادرة منزلها قبل صلاة الفجر للدوام المدرسي، وتقطع يوميًا أكثر من 200 كيلو ذهابًا وإيابًا؟! أو فكرت بالطلبة والطالبات المتكدسين في الفصول كيف سيتلقون النشاط في بيئة تفتقر لأدنى معايير السلامة والتعليم؟! وهل فكرت الوزارة بالمعلم أو المعلمة المثقل بالنصاب الكامل والأعباء الإضافية؟! وهل فكرت بالميزانية المفترضة لإنجاح مشروع ساعة النشاط؟! فحال وزارة التعليم في إقرار ساعة النشاط يجسده المثل الشعبي ببراعة «أنفخ يا شريم قال ما من برطم».
ولتطبيق ساعة النشاط الإضافية أرى أن تعمل الوزارة على تطبيق القرار مبدئيًا على عينة من المدارس الحكومية والمستأجرة لمدة عام دراسي، وقياس مدى الاستفادة الفعلية من ساعة النشاط في ظل الظروف المحيطة من إمكانات بشرية ومادية، وعلى ضوئها يتم مراجعة القرار وتطبيقه لاحقًا. كما اقترح أن يتم الاستعانة بالخريجين والخريجات ممن هم على قوائم الانتظار لسد العجز واكتساب الخبرة في العمل التعليمي لتطبيق ساعة النشاط. وختاماً أرجو أن تتكرم الوزارة بالنظر مجددًا في القرار وجوانبه المتعددة، وأن تحتفي بآراء المعنيين والخبراء، ولا تضيق بالنقد، حتى وإن لم تتفق مع قرارات الوزارة، فهي بمثابة استشارات ونصائح مجانية هدفها التطوير والإصلاح.