علي الشدي
في مجتمعنا نماذج من الرجال تستحق سيرهم أن تدرس في جامعاتنا حسب التخصص بعضهم أحياء وبعضهم توفاه الله دون أن يعطى ما يستحق من اهتمام ليس بسبب نجاحه في جمع ثروة كبيرة أو الوصول إلى منصب مرموق أو بلوغ شهرة مدوية وإنما لأنه يتميز بصفات لا تتوافر في غالبية من عاش في نفس الفترة وعمل في المجال نفسه دون أن يتحدث عن نفسه أو يحدث حوله ضجة أصبحت من صفات أدعياء التميز في هذا العصر.
ولعل الزميل محمد العجيان الذي توفي في أول جمعة من عشر ذي الحجة الحالي خير مثال على ذلك فقد عاش في الوسط الصحفي المعروف بالكثير من المنافسات والمشاحنات صديقاً للجميع وكان كل همه تشجيع الشباب الملتحقين بهذا المجال وتوجيههم وتطوير الأداء في المطبوعات التي عمل فيها
(الرياض- اليوم- اليمامة) رغم وجود الكثير من العقبات الإدارية والمالية التي حالت دون ذلك.. ولو درست سيرته وأمثاله وهم قلائل لطلاب كليات الإعلام لقوي لدينا الأمل بأن ينقى هذا الجيل الوسط الإعلامي من الشللية والشحناء التي يشكو منها ويوجه اهتمامه لتطوير المهنة معتمداً على التقنيات والتطبيقات الحديثة.
وفي مجال البحث عن التطوير أصدر محمد العجيان بالاشتراك مع صديقه صالح العلي الصويان (عام 1978م جريدة العصر الأسبوعية كإحدى الصحف المهاجرة التي تصدر من قبرص).. ولكنها لم تصمد مدة طويلة حيث واجهت بعض المشكلات والزميل العجيان بطبعه لا يحب الدخول في إشكالات تؤثر في مسيرته وسمعته الصحفية الصافية.. لأن ذلك يتعارض مع الدبلوماسية التي اتصف بها، ولقد وصفته بذلك في مقال كتبته عنه في الإصدار الذي أعده الزميل محمد القشعمي بعنوان (محمد العجيان.. الصحفي الإنسان)، وذلك عند إصابته بالمرض الذي أقعده عن العمل قبل حوالي عشر سنوات.. ولكنه لم يقعده عن التواصل مع الأصدقاء والزملاء الذين يشاركون في جلسته الأسبوعية ويبادلونه رغم عدم قدرته على الكلام القفشات التي عرف بها ويعبر عنها بإشارات وضحكات تنم عن سريرة سليمة وحب للحياة وللناس.. وفي ذلك المقال قلت (أستطيع أن أسمي بلا تحفظ الزميل الصديق محمد العجيان «عميد السلك الدبلوماسي في بلاط الصحافة»، وذلك لأنه في نظري دبلوماسي ضل طريقه لوزارة الخارجية فوجد نفسه في الصحافة.. وليس معنى ذلك أنه دخيل على الصحافة.. بل إنه أفضل من كتب مقالة مختصرة ومركزة مع أنه مقل في الكتابة.. وهو من أفضل من يختار عنوانا صحفيا.. والأهم من ذلك من أكثر القيادات الصحفية توجيها للشباب للإبداع في المجال الصحفي).
وأخيراً: رحم الله محمد العجيان فقد أحبه الله فابتلاه بالمرض تكفيراً عن الذنوب وتوفاه في عشر هي أفضل أيام الدنيا وفي يوم جمعة مباركة وكل هذه الشواهد مبشرات بأنه من أهل الخير في الدار الآخرة بإذن الله.. كما كان كذلك في الحياة الدنيا حيث عاش محباً للناس، ولذا أحبه الجميع ولم يختلف أحد على حبه سواء في الوسط الصحفي أو خارجه.