ياسر صالح البهيجان
قطاع التدريب يمثل أولوية تتجاوز أحيانًا القطاع التعليمي؛ لاقترابه أكثر من سوق العمل، ولانطلاقه من مبدأ التطبيق وليس التنظير، ولأنه يتأسس على الممارسة الميدانية الفعلية القادرة على إكساب المتدرب المهارات اللازمة لتطوير الذات، وهو من القطاعات الحيوية التي تُعد سببًا رئيسًا في خفض نسب البطالة، وتوجيه الطاقات الشبابية نحو سد احتياجات السوق في العديد من المجالات الحافلة بأعداد كبيرة من الوافدين.
مستوى التدريب في الكليات والمعاهد ليس في أفضل حالاته، وثمة اهتمام غير مبرر بأعداد الخريجين دون مراعاة لجودة البرامج.. والعبرة في التأهيل العالي حتى وإن كان العدد ليس ضخمًا، والأهم أن يحظى المتدرب بالكفاءة؛ ليجد فرصته الوظيفية بسهولة، بدلاً من أن يشكل عبئًا على المجتمع، وينضم إلى طابور العاطلين عن العمل لحمله مؤهلاً فنيًّا وتقنيًّا دون إلمام بمتطلبات مؤهله التي تفرضها تحولات المرحلة الراهنة.
مؤسسة التدريب التقني والمهني تنتظرها تحديات جمة لدعم مساعي التوطين في القطاعات الحيوية، أي أنها مطالبة بإعادة هيكلة مناهجها التدريبية؛ لتتأسس على مبدأ الابتكار، وأن تتوسع أكثر في المجالات التكنولوجية الحديثة؛ لتنتج جيلاً مواكبًا لعصره، وبمقدوره رفع كفاءة التصنيع والإنتاج في المملكة، وبذلك يمثل دعامة قوية للمضي قدمًا نحو تحقيق الرؤية الطموحة التي أرسى قواعدها سمو ولي العهد -يحفظه الله-.
ليس علينا اختراع العجلة من جديد.. هناك معاهد تدريب دولية في تخصصات تكنولوجية دقيقة بإمكاننا الاستفادة من تجاربها لتطوير قطاع التدريب بالمملكة، وليس المقصود هو توقيع اتفاقيات صورية، وإنما تفعيل البرامج المشتركة داخل الكليات التقنية، والانطلاق من المعايير العالمية لوضع استراتيجية تكفل للقطاع تحقيق نجاحات أكبر في هذه المرحلة التي تتسم بضرورة مسابقة الزمن والتصحيح لتفادي هدر الموارد المالية والطاقات فيما لا طائل من ورائه.
معظم كليات التدريب الدولية في المملكة -مع الأسف- ذات أهداف ربحية أكثر من كونها مؤسسات تعنى بجودة البرامج التدريبية؛ ما يفرض على مؤسسة التدريب تنفيذ رقابة أكبر على تلك الكليات، ومتابعة كفاءة مدربيها، وتقييم مستويات اختباراتها المهنية، وعدم الاكتفاء بشهرتها واسمها في السوق؛ لضمان تخريج شباب مؤهل قادر على خدمة وطنه ومجتمعه.