د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
- أجاد شيخنا العلاّمة محمد بن ناصر العبودي حين اقتطع من أوقات تآليفه المهمة في المعاجم والرحلات والسير ومماثلاتها، فكتب عن شخصياتٍ شفاهيةٍ لم يكن الأكثرون على علم بها، لولا تدويناته عنها وإصداره بعضها على شكل كتب مستقلة كما فعل مع «الملا ابن سيف» و«مطوع اللسيب» و«حمد الصقعبي - حمدة -»، مثلما وثّق حكاياتٍ أخرى في معجماته عن الأسر ومذكراته الشخصية وسيرته الذاتية فقام بما ناءت بحمله مراكز ومؤسسات.
- الموضوع مهم ؛ فبعد نشر مقال صاحبكم «ماذا بقي من سعد؟» الخميس الماضي، توالت الاتصالات والتعليقات مطالبةً بتسجيل حكايات المرحوم سعد الخويطر وحمَّلت صاحبَكم مسؤوليةً في هذا الإطار، ومنها ما تبلغه من أصدقاء ومتابعين خارج النطاق الجغرافي الذي عاش فيه سعد، ولأنه لا يملك قدرات الشيخ العبودي الاستثنائية، ولا يدير وقته كما يفعل الشيخ، كما أنّ معلوماته ضحلة في هذا الإطار، فلم يجد غير تكرار النداءات التي حملها قلمُه وصوته مرارًا لتوثيق تأريخنا الشفاهي الذي يكاد يضيع جزءٌ منه بسبب عدم وجود مؤسسة مختصة متفرغة للتأريخ الشفاهي، مع تقدير الجهود التي تبذلها مكتبة الملك فهد الوطنية ودارة الملك عبدالعزيز ودار المخطوطات ببريدة ومركز ابن صالح بعنيزة ومماثلاتها في مناطق الوطن.
- ارتكزت معظم جهود الجهات السابقة وغيرها على الشخصيات المهمة التي كانت لها مواقع وظيفية أو مراكز اجتماعية ، وطال بعض تسجيلاتهم شيءٌ من التحفظ مما قد يقلل من قيمتها في التوثيق التأريخي، أما المهمشون إعلاميًا ممن تميزوا بتفردات خاصة في الرواية أو النكتة أو التعليق أو المواقف أو الشعر، فلم يجدوا من يدقق ما يتناقله الناس عنهم أو منهم.
- كلُّ مدينة أدرى برجالها ونسائها، والتوثيق لن يتجاوز تسجيلًا وتحريرًا ومراجعةً ونشرًا كما فعل الشيخ العبودي وهو فرد لا يمتلك مؤسسة وليس لديه جيش من الموظفين يعينونه، وما قام به - رعاه الله - ستذكره الأجيال وتشكره؛ فما بال من لديهم الإمكانات ولن تخذلهم المكانة؟!
(2)
- في مرض موته كان زائرو عبدالله السليمان المزيد لا يدارون حزنهم وهو مبتسم ويقول: أنا الذي سيموت وليس أنتم ! والذين ترددوا على عبدالرحمن المقيطيب وقد بترت بعض أطرافه واقتربت نهايته لم يتوقفوا عن الضحك على تعليقاته، ولعبدالله ( العُبدي) السبيِّل مواقف تُسلي الثكالى، ويتناقل الناس طرف مجالس « محمد الصالح العيسى ومنصور القاضي ومحمد الصالح الدغيثر»، ويتكئون على موثوقية «إبراهيم الواصل وعبدالرحمن البطحي وسعد السليم وعبدالرحمن البسام»، ويرددون مقالب أبي لبيد عبدالعزيز العبدالرحمن الذكير وشعرَه الفكاهي.
- أسماءٌ غير عابرة لا تمثل عُشر من يمكن تأرختُهم من مدينة واحدة؛ فكيف لو جُمعت حكايات كل المدن؟!
- التأريخُ لم يكتمل.