د. عبدالرحمن الشلاش
أثار قرار وزير التعليم زيادة الجدول الأسبوعي في مدارس التعليم العام أربع حصص أسبوعية مخصصة للنشاط ردود فعل واسعة جدًّا. كتبت هنا في زاويتي السبت الماضي مقالاً عن جدوى زيادة الجدول الأسبوعي لطلاب وطالبات المدارس، وذكرت أن هناك شروطًا لنجاح القرار، وبما اعتبرته من أولويات العمل في التعليم، مثل توفير الإمكانات، والبيئة المناسبة، وقناعة المتأثرين بالقرار.
قرأت كثيرًا من الآراء، وقد تباينت بين العاطفية والموضوعية. تهمني أكثر آراء أهل الخبرة، وإن كانت هناك آراء جديرة بالمناقشة، لكن يبقى التعليم واحدًا من المجالات التي لا يفهمها إلا من عمل فيها وتدرج حتى عرف وخبر كل مشكلاتها وأهم سبل تطويرها. تطوير التعليم بهذا المعنى ينبع من الوسط التربوي ذاته. من أمضى سنوات طويلة معلمًا أو مدير مدرسة أو مشرفًا لو سألته بشكل مباشر عن وجهة نظره في أولويات التعليم سيجيبك دون تردد. قد يكون هناك بعض التباين لكنه حتمًا ليس بالكبير.
التعليم معلم متميز! كيف تختاره وتؤهله وتدربه وتحفزه، وتشعره بأنه شريك أساس في العملية التعليمية والبحث عن كيفية تطويرها. تحافظ على هيبته ومكانته؛ لتبقى هيبة التعليم قوية في نفوس طلابه. هذه أولوية لا يمكن تقديم كثير من الإصلاحات أو الإضافات الشكلية عليها.
التعليم منهج! كيف تختار محتواه؛ كي يواكب مستجدات العصر ليُعدَّ جيلاً قادرًا على المشاركة الفعلية في تنمية بلاده، لا أن يكون عالة على مجتمعه؛ فيحمل شهادة بدون علم حقيقي. يحفظ ويتكلم كالببغاء؛ لأنه لم يتعرض لمواقف وخبرات تتحدى قدراته، وتصقل مواهبه؛ لذلك من الأولويات تمهير المناهج، أي تحويلها من معلومات نظرية جافة إلى مهارات يتدرب عليها الطلاب، لا معلومات يمكن للطالب الحصول عليها من أي محرك بحث.
التعليم قيادة إدارية واعية! كيف تختار المدير القائد وتدربه وتمنحه الصلاحيات؛ كي يطور ويحسن، لا أن يكون مجرد آلة تتلقى الأوامر ثم تنفذها.. اتصالات هابطة من قمة الهرم فقط بينما الأولى أن تكون صاعدة وهابطة!
التعليم بيئة جاذبة! ليس فقط على المستوى المادي من مبنى متكامل وترفيه ونشاطات بل حتى على المستوى البشري؛ إذ الارتقاء بشبكة العلاقات بين الإدارة والطلاب والمعلمين وأولياء الأمور!
هذه في نظري أبرز محاور أولويات التعليم، لو ركزت عليها كل الجهود لأصبح الأمر مختلفًا؛ لذلك ليس من الأولويات على الأقل في الوقت الحاضر زيادة ساعات أو نقصها، ولا حتى إضافة مقررات أو طباعة الكتب بشكل جديد قبل أن تستكمل الأمور الملحة التي ذكرت، ثم بعدها لكل حادث حديث.