د.عبدالعزيز الجار الله
بدأت شبكات وصفحات التواصل الاجتماعي تكشف عن أرشيف الحج في البدايات الأولى للتصوير الفوتوغرافي والتصوير الفيلمي، فقد قدمت لنا صورة كنا في حاجو لها عن ماضي دولتنا القريب في بداية القرن العشرين زمن المؤسس الملك عبدالعزيز يرحمه الله رحمة واسعة، لنتعرف كيف كانت بلادنا وبخاصة منشآت الحرمين الشريفين بالمدينتين المقدستين وباقي المشاعر المقدسة والمساجد التاريخية وميناء جدة وشوارعها وبيوتها وأسواقها التجارية، وحركة السكان والحياة اليومية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهي بيئة كانت بسيطة وفقيرة قياسًا بمن حولها من أقطار الشام ومصر والعراق وإيران والباكستان والهند ودول الشمال الإفريقي ودول شرقي إفريقيا.
تظهر الصور والأفلام عند تأسيس الدولة في العهد الثالث لها تواضع أحوالنا الاجتماعية والمادية، وشح الموارد الاقتصادية ونقص في المرتكزات الاقتصادية والاستثمارية والدخولات، كانت أحوالنا متواضعة وبيئتنا فقير وكان الثالوث القاتل (المرض والفقر والجهل) سائدًا في مجتمع نصفه في البادية والباقي في قرى على نهايات الهضاب الصخرية، ودولة يحاول قادتها أن يجمعوا أطراف جزيرة العرب من بحرها الأحمر إلى مياه خليجها العربي، ومن تهامة الغرب والجزر الحمراء إلى الرمال البيضاء بخليج العرب، ومن بحار رمال ربعها الخالي والجبال السمر في جنوبها، إلى كثبان وصيهد ودكاك رمال النفود الكبير وصفروات وحرات الأرض وهضابها شمالي بلادنا، فكان الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه يلملم أطراف جزيرة العرب ويجمع شتاتها ليجعل منها بإذن الله بلادًا تعيد للإسلام هيبته وخيمة بيضاء لكل العرب، والذي تحقق فيما بعد بقوة الله وتأسست البلاد ثم تدفقت بحمد لله عيون النفط ليصبح اقتصادنا قويًا ومتينًا يصرف المليارات على عمارة الحرمين ويستضيف الحجيج، وتفد إليها الجموع بالبر والجو والبحر بكل أمن واطمئنان بعد أن كانت رحلة الحج رحلة المشقة والعذاب والموت.
فالصور ليست مخجلة بل هي وثيقة وفخر للأجيال التي كافحت لبناء دولتها ثم نقلتها من تواضع المصادر إلى دولة مؤثرة في الاقتصاد العالمي ويشار لها بالنماء الحضاري.