«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
الكعبة المشرفة كانت قبل الإسلام وحسب ما جاء في كتب التاريخ وما رصده الباحثون والدارسون مقدسة ولها اعتبارها الكبير بين العرب وكانوا يقدرونها ويعظمونها خير تعظيم وكانوا يضعون بداخلها وحولها آلهتهم التي كانوا يتقربون من خلالها إلى الله. وكانوا يحجون إليها ويطوفون حولها قبل الإسلام. ولما جاء الإسلام بعظمته ورسالته السامية للعالم أجمع، حفظ للكعبة المشرفة مكانتها وازدادت عند الجميع هذه المكانة بصورة لافتة، ونهي أن يضرب في المسجد الحرام مشرك وأن يطوف حولها عريان. وتقديراً واهتماماً بالكعبة المشرفة لم يبخل المسلمون عليها فكسيت بأفخر أنواع الثياب في ذلك الزمن وأفضلها خياطة. وتشير المصادر التاريخية كما أشار إلى ذلك الكاتب الإسلامي الراحل (عبدالله إبراهيم رجب) في مقاله نشرت في الزميلة «المدينة» العدد رقم 7402 في 10-10-1407هـ حيث قال: إن «تبع أبوكرب» ملك حمير هو أول من كسا الكعبة وكان ذلك في سنة عشرين ومائتين قبل الهجرة ويضيف من هنا نستدل على أن الكعبة لم تكس على عهد رسول الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام. ويقول الأديب أحمد عبد الغفور عطار «ولم يرد نص صحيح أن إبراهيم كسا الكعبة واحسب أنه لم يكسها. لأنه غادرها بعد البناء إلى فلسطين وبقي إسماعيل يقوم بالإمامة والدعوة إلى الله وسدانة البيت وشؤونه. ويقول: ذكر بعض العلماء أن إسماعيل أول من كسا «الكعبة. انظر كتاب الكعبة والكسوة، وفي الجاهلية لم تكن كسوة الكعبة من اختصاص جهة من الجهات وكان هذا حق لكل من أراد ذلك. ولأيّ سبب من الأسباب والعرب في الجاهلية كانوا يعبرون كسوة الكعبة من الواجبات والفضائل وأسباب المفاخرة وكانت الكسوة في بعض مراحل التاريخ إيفاء لنذر ..)أهـ هذا وأول كسوة في الإسلام كانت عام الفتح وسببها أن امرأة بخرت الكعبة فاحترق ما عليها من ثياب، ذكر الحافظ بن حجر في فتح الباري عن الفاكسلي بإسناد حسن عن سعيد بن المسيب أنه قال: لما كان عام الفتح أتت امرأة تجمر الكعبة فأحرقت ثيابها وكساها المسلمون. وهذه الحادثة أتت على كساء المشركين عن آخره ولما كان ترك الكعبة عارية لا يسر الناظرين إليها فمن الطبيعي أن يكسوها المسلمون وهي أول كسوة في تاريخ الإسلام.. هذا وكساها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثياب الثمينة وكسوته أشرف ماكسيت به الكعبة على الإطلاق. وأرجح أن كسوة الرسول للكعبة تمت أثناء حجة الوداع سنة عشر من الهجرة. ومنكسا الرسول الكعبة أصبحت الكسوة من أمر الحاكم، فيكسوها مرة أو مرتين في السنة. وحظيت الكعبة المشرفة باهتمام الحكام «أحمد بن محمد الرابع السلطان عبد العزيز محمود الثاني والشريف الحسين بن علي. هذا وفي العام الماضي. نشرت «الجزيرة في العدد الصادر يوم الخميس 15 سبتمبر 2016 «إطلالة» تحت عنوان (الأحساء تنسج كسوة الكعبة) كتبها المحرر، جاء فيها: أن الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وعندما كان في الحجاز لم تأتِ الكسوة للكعبة كما هو معتاد. عندها أمر جلالته -رحمه الله- بعمل الكسوة الشريفة بالأحساء، وبالفعل تم نسجها وتطريزها على أكمل وجه وأرسلت من الأحساء لمكة المكرمة في حينه ووضعت على الكعبة المشرفة صبيحة يوم عيد الأضحى المبارك عام 1343 هجرية 1925م... هذا واستمر اهتمام أبناء الملك المؤسس من الملوك بكسوة الكعبة الشريفة كل عام. وكان في مستهل شهر محرم 1346، أصدر الملك عبدالعزيز، أوامره بإنشاء دار خاصة بصناعة الكسوة، بمحلة أجياد أمام دار وزارة المالية العمومية بمكة المكرمة، تمت عمارتها في نحو الستة الأشهر الأولى من عام 1346، فكانت هذه الدار أول مؤسسة خصصت لحياكة كسوة الكعبة المشرفة بالحجاز بعد ما تم نسجها في الأحساء كما أشرنا سابقا. ومؤخرا نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - -حفظه الله- سلم صاحب السمو الملكي مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، كسوة الكعبة المشرفة الجديدة لكبير سدنة بيت الله الحرام، فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن زين العابدين الشيبي. وجرى التوقيع على محاضر الاستلام والتسلم بين معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس، وكبير سدنة البيت الحرام.