عمر إبراهيم الرشيد
ما كنت لأكتب مقالي هذا أيضاً عن الكيان المحتل وفي نفس الشهر، لولا توالي أخبار التدهور المكشوف لصورة حكومة الاحتلال (إسرائيل) عالمياً، وقد كتبت كثيراً عن قضية المسلمين والعرب الأولى من قبل، إنما قصدت توالي مقالين عن نفس الموضوع . أول وأخطر شواهد ذلك التدهور إنكار الشباب اليهودي لسياسات تل أبيب ووضع الشعب الفلسطيني المرابط هناك، وليس أدل على هذا الإنكار ما بدر من شباب يهود قامت باستضافتهم الوكالة اليهودية من دول مختلفة في العالم للوقوف على الوضع في فلسطين، ودعم صورة (إسرائيل) أمام العالم بعد مغادرتهم . لكن ما حدث أن ارتد العشرات من أولئك الشباب على حكومة الاحتلال، وساندوا الفلسطينيين في مظاهراتهم وفي إعادة بناء مخيم (صمود) جنوب الخليل على سبيل المثال. ولعل كون أولئك الشباب قادمين من بيئات تختلف عن بيئة (إسرائيل) المعروفة بتسمم أجوائها الاجتماعية، قد أعطاهم القدرة على الفرز ورؤية الحق العربي الفلسطيني على حقيقته، إضافة إلى مشاهدة القمع والتهجير والقتل عياناً، حتى أنهم وثقوا ما شاهدوه بتصويره بكاميراتهم وهواتفهم.
الأمر الآخر واللافت حقاً، وقوف حكومة جنوب أفريقيا في وجه محاولات حكومة الاحتلال الإسرائيلية لتطبيع علاقاتها مع دول أفريقيا، وهذه في تقديري هي المرة الأولى لحكومة بريتوريا لتقف هذا الموقف من حكومة الاحتلال، إلى درجة احتمال مقاطعة القمة الإفريقية المقبلة بعد شهرين في توغو، لأنّ من أهدافها تطبيع العلاقات مع تل أبيب. وأهمية موقف جنوب إفريقيا ينبع من مكانة هذه الدولة كأكبر اقتصاد في القارة، والقوي اقتصادياً قوي سياسياً بطيعة الحال وبذلك سوف تؤثر بموقفها هذا على كثير من دول القارة. إنما العجيب تناقض موقف هذه الدولة مع وزير استثمار في دولة إفريقية إسلامية مع شديد الأسف، ولا داعي لذكر اسمها لأنه قد يكون تصريحه لا يمثل موقف دولته الرسمي. ويذكر ذلك الوزير أنّ التعامل العربي مع القضية الفلسطينية عاطفي وآخر المنطقة العربية تنموياً وسياسياً، وأنّ الفلسطينيين أنفسهم طبعوا مع (إسرائيل)، وفي هذا الكثير من الصحة لكنه لا يعطي مبرراً للتطبيع لأنّ مدلوله الموافقة على إرهاب تلك الدولة واحتلالها، وكيف بمن يفاخر بأنّ له علاقــــات (جيدة) مع حكومة الاحتلال!.
ليس كل يهودي صهيوني، وهذا ما أكده أولئك الشباب اليهود الذين استقطبتهم الوكالة اليهودية لأغراضها المعروفة، فإذا بهم يشاهدون الحال عياناً فيناصرون الشعب المحتل معنوياً وإعلامياً، والجهد الإعلامي سلاح فاتك بالنظر إلى الفضاء الإعلامي المفتوح عبر الثورة الرقمية ومواقع التواصل عالمياً، لذلك انقلب السحر على الساحر!.