صيغة الشمري
مما لاشك فيه بأن دولة قطر تملك ساسة لا يتمتعون بخبرة كافية في منطقة عُرفت بظروف وتقلّبات السياسة بشكل مستمر، ويفتقدون حكمة ساسة الدولة العميقة، كون الدولة ذات الحجم الصغير يجب عليها أن تحترم حجمها وضعف عمقها، وتدرك بأنّ المال وحده لم يفد دولاً أغنى منها بكثير وتملك نفس مساحتها وحجمها، وضع ساسة قطر دولتهم أمام خيارات سياسية أحلاها ينضح بمرارة لا تضاهيها مرارة ومخاوف لا تضاهيها أي مخاوف، وسيجعلها تهورها السياسي عبر السماح لتركيا وإيران باحتلال أراضيها، ستندم أشد الندم وستتمنى لو لم تفرط بانتمائها لدول الخليج، وستجد أن مطامع تركيا وإيران لن تقف عند حد، لأنه من المعلوم بأنّ هاتين الدولتين بالذات لن تضحيا بقواتهما وجنودهما، دون ثمن تقبضاه حاضراً وثمن استراتيجي تقبضاه بعد سنوات، وما هي إلا سنوات وستصطدم المصالح التركية بالإيرانية وسيبدأ صراع مصالح وحروب باردة على الأرض القطرية، التي لن يكون لها ضحية سوى الشعب القطري المغلوب على أمره، ما هي إلا سنوات قليلة وسيصبح تميم صبياًَ عند إحدى هاتين الدولتين، هذا إن لم تستبق إحداهما الأخرى بإزالته ووضع حليفاً يغلبها على الأخرى، وستسارع إيران لخلق معادل ميداني لحزب الإخوان الداعم لتركيا بحزب داعم لها يحمي مصالحها على أرض قطر، مثلما يفعل حزب الإخوان القطري من حماية للمصالح التركية، وتغليبها حتى على مصالح المواطن القطري، السيناريوهات السياسية الضبابية التي وضعت قطر نفسها فيها، سيجعل عليها من الصعوبة بمكان أن تخرج منها دون خسائر باهظة، إن لم تكن خسارة كل ما كانت تخشى خسارته، سيكون لسان حالها لسان حال الدب الذي أراد حماية صاحبه فقتله، السيادة القطرية ذهبت أدراج الرياح منذ أول يوم دخلت فيه القوات التركية الإيرانية أرض قطر، ولن يكون لتميم وحكومته سيادة مطلقة بالقرار السياسي، حيث يجب عليه قبل اتخاذ أي قرار أخذ موافقة حكومتي البلدين المحتلين، حتى إن خرجت الدولتان من أرض قطر، فلن يخرج منها الحزب الإخواني الذي يحلم بدولة خاصة به يصدر من خلالها ثورته كما هي إيران، هناك مؤشرات في الأفق توحي بأنّ الإخوان اختاروا احتلال قطر والسيطرة على قرارها السياسي وطرد تميم لسهولة ذلك، بعد أن تغلغلوا بنسيج المجتمع القطري ونسيج القيادة القطرية بالذات، سيصبح من السهل عليهم إزاحة تميم بدعم عسكري من تركيا والانفراد بحكم دولة إخوانية خليجية، مستفيدين من فشل تجربتم في حكم دولة مصر!