«الجزيرة» - المحليات:
أكَّد عدد من المثقفين أن كتاب (الخيال الممكن) لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني يعد مرجعًا مهمًا لأساليب التغلب على التحديات وتحقيق النجاح بطرقه الصعبة.
منوهين بتميز الكتاب الذي دشَّنه الأمير سلطان بن سلمان في شهر شوال الماضي بتركيزه على توثيق التجربة الإدارية لهيئة السياحة، وبكونه لا يمثل سيرة ذاتية أو تجربة شخصية.
فقد أكَّد المثقف والكاتب الصحفي فهد محمد السلمان، أن «الخيال الممكن» كتاب مختلف وغير قابل للتصنيف، فلا يمكن تصنيفه على أنه كتاب سيرة ذاتية، ولا على أنه كتاب توثيقي لتجربة صناعة السياحة السعودية، «بل هو في تقديري مزيج من هذا وذاك، فهو يستخدم الوصف كما يستخدم التحقيق في آن واحد، ليقدم تجربة المملكة في صناعة السياحة بكل ما فيها من التحديات والعقبات، ابتداءً بعملية تكوين جهاز الهيئة ومصاعب أخذ الصلاحيات من بقية القطاعات، وصولاً إلى معالجة بعض الحساسيات الاجتماعية التي لم تكن تنظر إلى قطاع السياحة بعين الرضا».
وأضاف: «وبحكم أنني أحد الذين اطلعوا على هذا الكتاب، فقد وقفت على جزئيَّتين، الأولى: قدرة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان على تحييد شخصيته الاعتبارية، ومعالجة كل العقد والتحديات التي واجهت الهيئة بالإقناع؛ فالكتاب يضم بين ثناياه الكثير من القصص التي تبيّن كيف استطاع أن يستقطب كل معارضيه ليصطفوا معه، بل قادوا بعض المبادرات إلى جانب الهيئة».
وأوضح فهد السلمان: «أما الجزئية الثانية التي استوقفتني في هذا الكتاب؛ فهي أنه يبرز شخصية سلطان بن سلمان الرجل الذي جاء ليبني قطاع السياحة مما دون الصفر، وبأيدٍ وطنية، دون أن يستنسخ دور الآخرين، الذي أخذ من تجربته في الطيران وريادة الفضاء القدرة على الرؤية ألبانورامية؛ ما مكّنه من الإمساك بكل خيوط التجربة دون أن تتخطفها العواصف والخلافات، لذا فكتاب (الخيال الممكن) كتاب مختلف وتجربة مختلفة لرجل مختلف».
حُسن الإدارة
بدوره، يرى المثقف والكاتب الصحفي الدكتور علي سعد الموسى، بأن الكتاب «سيرة ذاتية لمؤسسة حكومية ابتدأت من الصفر وما زالت قائمة، تخلى فيه الأمير سلطان بن سلمان عن روح الأنا»، متوقعًا أن سموه قد عانى خلال رصد تجربة الهيئة لأنها ليست مؤسسة قطاع خاص مهني بحت فيستطيع تناول تجربتها وفق رؤيته وتحدياته، وليست كذلك مؤسسة قطاع حكومي تتبع النظام الإداري الحكومي فيستسلم لهذا النهج.
وأوضح أنه من خلال قراءته لفحوى الكتاب استشعر المصاعب والمعوقات التي واجهتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني منذ تأسيسها، حتى في عملها مع الجهات الحكومية، مستشهدًا بما ذكره سمو رئيسها من أن نظام الهيئة ظل في عهدة هيئة الخبراء بمجلس الوزراء لمدة أربع سنوات، «وهنا تكمن المشكلة، وهذا لا يختص فقط بهيئة السياحة، بل يختص بكل الإدارات الحكومية التي لها شراكات ويكون نصفها قطاعًا خاصًا وآخر عامًا، وإن لم نتحلَّ بالصبر، وبحُسن الإدارة، فإننا سنعاني الشلل كما عانته الهيئة في بدايتها».
إثراء الثقافة المحلية
بدوره، تناول الدكتور عبد الواحد الحميد الكتاب قائلاً: «يأخذ بيد القارئ خطوة خطوة ويحكي له قصة ولادة هيئة السياحة بتفاصيلها الكثيرة، منذ أن كانت فكرة حتى أصبحت مؤسسة كبرى مسؤولة عن قطاع كبير ومتشعب هو قطاع السياحة، ومعه أيضًا التراث الوطني الذي هو دائمًا صنو السياحة في معظم دول العالم».
وأوضح «يحتوي الكتاب على تفاصيل كثيرة، يروي فيها المؤلف قصة قطاع السياحة والتراث الوطني بكامله وليس فقط الهيئة العامة، وكيف استطاع هذا القطاع أن يصبح في النهاية أحد المكونات المهمة في هيكل الاقتصاد السعودي، من حيث إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي، ومن حيث توفيره للفرص الوظيفية للمواطنين السعوديين، وكذلك إسهامه في إثراء الثقافة المحلية بكل جوانبها التراثية والمعاصرة»، لافتًا «سيكون الكتاب مرجعًا أساسيًا في كل ما يتعلق بقطاع السياحة والتراث الوطني، وبالتأكيد بكل ما يتعلق بالهيئة العامة للتراث والسياحة».
حقائق جمة
وفي منحى مشابه، قال الكاتب عيسى الحليان: «يحمد للأمير سلطان بن سلمان تدشينه لكتابه «الخيال الممكن»، وطرح تجربته المتفردة التي تمثل مرحلة تحدٍّ كبرى، وتؤرخ لحقبة بالغة الحساسية ومتعددة الأبعاد الاجتماعية والإدارية والاقتصادية، وكيف له أن يتناول بعضًا من هذه التجارب، فيما يحجم عن ذكر بعضها الآخر (غير القابلة للنشر)، وهو ما قد يمثل مرحلة احتدام صراع مع الذات، لا يخرج من أتونها سوى رجل متصالح مع نفسه ومع مجتمعه كالأمير سلطان!!».
وأضاف: «ثمة حقائق جمة لامسها الكتاب التي كان يتسم طرحها بروح المسؤولية أحيانًا، والتحدي أحيانًا أخرى، من بينها قوله: «لو وجدت السياحة المساحات والدعم في البدايات لكانت المملكة من أوائل الدول السياحية على مستوى منطقتنا»، وهو طرح بمنتهى الوضوح والشفافية، وهو ما أراه يشكل مدخلاً وطنيًا مهمّا لمناقشة أبعاد هذه الحقبة وإعادة اكتشافها اجتماعيًا من جديد؛ للوصول من خلالها إلى حلول للمرحلة المقبلة التي تهم اليوم جيلاً جديدًا بأكمله».
إثراء معرفي
من جهته، أكَّد الدكتور عبدالله الزازان أن كتاب «الخيال الممكن» ينفرد بالتنوع والعمق والرصانة، ويقوم على الجدارة العلمية والمنظور المحايد والخبرة المنهجية في آليات البحث العلمي، «والكتاب إثراء معرفي وتجربة شخصية مؤسسية، ترسم الأبعاد الحقيقية للسياحة والتراث، وتفعيل التقنية السياحية في الجذر السعودي».
وتابع «فالتوسع الذي شهدته السياحة في الحقبتين الماضية والحالية يعد طفرة كبرى بجميع المقاييس؛ فقد كان التزام سلطان بن سلمان بالحياة السياحية وتكريس هذا الالتزام أمرًا ليس سهلاً، بل هو مجهود وتحرك كبير يحتاج إلى كتاب لتحليله، واليوم نقف عليه في كتاب الخيال الممكن؛ وهذا ما يستدعي وقفة تسجيل هذا التوجه المستقبلي الذي يتجاوز الواقع ويركز على ما يحدث بعده، لن نستطيع أن نتناول كل ما ورد في حديث الأمير سلطان بن سلمان بالتعليق وبالجملة؛ فقد كان الحديث حدثًا مهمّا في تجربة السياحة؛ فالحديث عن هذين المشهدين سوق عكاظ وكتاب الخيال الممكن يجر بصورة منطقية وطبيعية للحديث عن سلطان بن سلمان».
يشار إلى أن كتاب (الخيال الممكن) يتضمن تجربة شخصية ومؤسسية عن مسيرة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بجميع مراحلها منذ إعلان تأسيسها عام 1421 هـ 2000 م وشمل قصصًا وتجارب إدارية منذ بداية مسار السياحة والتراث الحضاري الوطني وحتى الانتهاء من تطوير القطاع، وتأسيس بنيته النظامية والتشريعية، وإطلاق المشروعات والمبادرات والقرارات المتعلقة به.
وفي تمهيده للكتاب قال سموه: «لقد حرصت أن يضم هذا الكتاب في ثناياه المواقف الإدارية والقرارات والأحداث التي خاضتها الهيئة منذ تأسيسها وكيف عملنا على الاستفادة من الفرص ومحاولة إيجادها أحيانًا من لا شيء، وحاولت قدر الإمكان أن اعرض التجربة بأسلوب يحاكي الجميع من منطلق أن الجميع هم شركاؤنا في تحقيق الإنجاز وتخطي التحديات والصعوبات. ومن المهم أن أشير إلى أن طبيعة مهام الهيئة منذ تأسيسها تضمنت عددًا كبيرًا من القضايا والمهام المتشعبة والمعقدة التي قد يصعب أحيانًا تصديقها دون وجود دلائل أو قرائن تجسد وصف ا?حداث كما قد يصعب أيضًا ذكر كل من أسهم في تلك الأحداث أشخاص أو مؤسسات».
ويمكن الاطلاع على الكتاب من خلال الموقع الرسمي للهيئة www.scth.gov.sa، حيث يتضمن صفحة لتلقي المرئيات والمقترحات والملاحظات على الكتاب في نسخته الأولى.