ياسر صالح البهيجان
تنظيم نشاط الشركات العاملة في القطاع السياحي يمثل أولوية لنجاح مساعي تطويره، وجعله ضمن القطاعات الفاعلة في مسيرة تحول المملكة نحو اقتصاد متنوع، خصوصًا أن المساحة الجغرافية لوطننا تتيح له إمكانات أكبر للاستثمار الأمثل في القطاع السياحي، وهو قادر على جذب رؤوس الأموال متى ما كان قطاعًا منظمًا وينطلق من لوائح واضحة وعادلة تكفل تحقق المنافسة الشريفة وبما يعود بالنفع على اقتصادنا الوطني ورفاهية مجتمعنا.
يتضمن القطاع السياحي مئات الشركات المتخصصة في السفر والسياحة والإيواء وتنظيم الرحلات السياحية، والحق يذكر أن هيئة السياحة اتخذت مؤخرًا العديد من الخطوات التصحيحية لمواجهة تلاعب الشركات وتحايلها على الأنظمة، حيث تعاملت في الإجازة الصيفية الحالية بفرعها في الرياض مع أكثر من 750 شكوى تقدم بها مواطنون ضد جشع واستغلال بعض الشركات لهم، وهذا الرقم يؤكد أن القطاع السياحي يتطلب عملا شاقًا لتنظيفه وإعادة توازنه، وذلك لن يكون مهمة هيئة السياحة بمفردها، وإنما تشترك في هذه المسؤولية كل من وزارة التجارة وجمعية حماية المستهلك.
أمامنا رؤية وطنية واضحة وطموحة يقودها ولي العهد يحفظه الله، وكان يشدد في أكثر من مناسبة على دور القطاع السياحي في المرحلة الحالية، وهذا الاتجاه يحمّل الجهات المعنية مسؤولية كبرى لتنمية القطاع وتطويره، وأن لا تكتفي بالتشريع والتنظيم، بل تحوّلها إلى تحركات فعلية على الأرض، وتضع لها مؤشرات دقيقة لقياس مدى التقدم في مساعيها نحو قطاع سياحي أفضل.
لا بد من العمل على وضع عقوبات صارمة ضد الشركات المتلاعبة في القطاع السياحي، لأنها تعبث بمقدرات وطن بأكمله، وتحرم اقتصادنا من عائدات كبرى بإمكانه تحصيلها لولا الفوضى والتهاون، فضلاً عن الأضرار المالية التي يتكبدها المواطن جراء استغلاله ووقوعه فريسة لجهات وهمية لا تمتلك تصريحًا يخولها بممارسة النشاط، وكل ذلك وأكثر يهدد نمو القطاع، رغم أنه عالميًا يعد من أكثر القطاعات تأثيرًا، وهناك دول كبرى يمثل النشاط السياحي مصدر دخلها الأكبر، ونستطيع أن نبلغ ما بلغوه إن أعدنا النظر في خططنا واستراتيجياتنا تجاه القطاع، وتخلينا عن اعتباره قطاعا ثانويًا ولا يمكن الاعتماد عليه.
وينبغي الإشارة لأهمية وعي المواطن ومشاركته في الكشف عن المتلاعبين والتبليغ عنهم، وعلى الجهات المعنية تكثيف الحملات التوعوية ليدرك أنه مواطن مسؤول عن مكافحة أي فساد في القطاعات المختلفة، إذ إن غرس مثل هذه الثقافة من شأنه تيسير مهمة الجهات الرقابية، وتعجيل قطع الطريق على المخالفين، ومتى ما علم المخالف أن عين المواطن هي الرقيب الأول عليه سيجد كافة سبل التحايل مغلقة، وعندها سننعم بقطاعات لا تضم سوى المخلصين والراغبين في خدمة وطننا.