مع انطلاق منافسات الدوري تتسابق القنوات الرياضية في مختلف المحطات التلفزيونية والإذاعية والأقسام الرياضية للصحف في استقطاب الحكام من أجل التحليل التحكيمي والاستمتاع باصطياد الأخطاء التحكيمية (كسبق لجذب المتابعين)، والأغلبية العظمى منهم تعتمد على التقنية والإعادة والتشاور من أجل الحكم على الحالة التحكيمية وتوضع تحت المجهر والتمحيص والتدقيق وتخضع للتأويل والنية، ومع ذلك يختلف المحللون من قناة لأخرى وذلك حسب نظرتهم وأحيانًا ميولهم وأحيانًا رغبتهم في الإثارة (الرزق يحب الخفية).
يتفق جميع المحللين التحكيميين والرياضيين على أن الحكم بشر يخطئ ويصيب وأن لديه ثواني ليقرر في قرار تحكيمي، ولكنهم في برامجهم يقومون بجلده كأنه كمبيوتر لا بد أن يكون على أكمل وجه متجاهلين أنه في النهاية يخضع للعوامل البيولوجية والنفسية كأي إنسان طبيعي، ومع ذلك يتواصل النقد وتصيد الأخطاء الذي يفرز نظرة سلبية بالحكم المسبق على الحكم، وهذا ينعكس عليه في داخل الملعب في تعاون اللاعبين والإداريين معه.
الغرض المفترض من الفقرات التحليلية التحكيمية هي تطوير قدرات الحكام ورفع أدائهم وتلافي أخطائهم، ولكنه تحول إلى إبراز عضلات المحللين التحكيميين وكأنهم يحققون انتصارًا عندما يصيدون خطأ من حكم في ظروف مؤثرة في قراراته، مستعينين بالتقنية وتحت التكييف ويعيد ويزيد في اللقطة ليكتشف الخطأ علمًا أن تاريخ بعض المحللين من الحكام عندما كانوا في أرض الميدان يوصف بالكارثي لو توافرت التقنيات المتاحة الآن، ويكفي أن يكون هذا الجيل من الحكام امتدادًا لهم وفي كثير من الأحيان هم قدوة ومثل لهم، مع إيماني الكامل أن النقد الإيجابي يطور الشخص في أي مجال، وعلى الرغم من كثرة البرامج التي تنتقد أو تحلل الأداء التحكيمي مدعية الحيادية، وأنها بهدف التطوير وعدم تكرار الأخطاء إلا أنه في كل سنة يتحدثون أن التحكيم يتدهور عن السابق، إذاً البرامج لم تأت بالمأمول منها في تطوير الحكام فالخلل قد يكمن في طريقة التعاطي الإعلامي مع الحكام وتأثيره أصبح سلبيًا وتحول إلى الجلد بدل النقد، وزاد في تأجيج الشارع الرياضي مع انفلات لفظي وتبادل التهم ودخول في الذمم لكل من هب ودب، وظهر في برنامج تلفزيوني أو إذاعي وأصبحت المنافسة على البرامج والحوارات وشراستها أكثر فعالية من اللعب على المستطيل الأخضر.
هل من العدل المطالبة ببرامج رياضية أجنبية (من أوروبا وأمريكا الجنوبية وكوريا) فقد تكون هي الحل للتطوير على غرار المطالبة بالحكم الأجنبي، فقد تتطور كرتنا بعد تطور برامجنا.
- عطية محمد عطية عقيلان