علي الخزيم
تهتم القيادة السعودية الرشيدة بتطبيق قواعد وقوانين مكافحة الاتجار بالبشر، وتحرص دومًا على كل ما من شأنه صيانة حقوق الإنسان، ورعايته، سواء كان مواطنًا أو مقيمًا، وهي بهذا تطبق ـ بداية ـ سُنة الله في خلقه وما تدعو له شريعتنا الإسلامية الغراء من الرأفة والرحمة والعطف على من يحتاج إليها، وإلى التواد والتعاون والمحبة بين كل بني الإنسان وإن اختلفت لغاتهم وألوانهم ومشاربهم وثقافاتهم.. وهي المبادئ التي توليها هيئة حقوق الإنسان بالمملكة جل اهتمامها امتثالاً للتوجيهات السامية الكريمة، وتطبيقًا للمبادئ والاتفاقات الأممية بهذا الشأن.
وثمة مقولة منقولة مختصرها: (أستطيع أن أغفر للبشر كل شيء إلا الظلم والجحود وانعدام الإنسانية). ويحذر عمر بن الوردي الشاعر الكبير صاحب اللامية المشهورة من الظلم بقوله:
إياك من عسف الأنام وظلمهم
واحذر من الدعوات في الأسحار
وللإمام الشافعي:
إذا ما ظالم استحسن الظلم مذهبا
ولجَّ عتوًّا في قبيح اكتسابه
فكِلْه إلى صرف الليالي فإنها
ستبدي له ما لم يكن في حسابه
ويستذكر العالم سنويًّا (اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر)، وتحديدًا بيوم 30 يوليو، لتكريس مفهوم أن الاتجار بالبشر (رجالاً ونساء وأطفالاً) يُعد جريمة كاستغلالهم لأغراض عدة، بما فيها العمل القسري والبغاء.
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2010 خطة العمل العالمية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، وحثت الحكومات بجميع أنحاء العالم على اتخاذ تدابير منسقة ومتسقة لهزيمة هذه الآفة الاجتماعية، وحثت الخطة على إدراج مكافحة الاتجار بالبشر ببرامج الأمم المتحدة بشكل موسع من أجل تعزيز التنمية البشرية، ودعم الأمن في أنحاء العالم. وكانت إحدى الأمور المجمع عليها في خطة الأمم المتحدة هي (إنشاء صندوق الأمم المتحدة الاستئماني للتبرع لضحايا الاتجار بالبشر)، ولاسيما النساء منهم والأطفال.
ويعد الاتجار بالأشخاص جريمة خطيرة وانتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، يمس الآلاف من الرجال والنساء والأطفال ممن يقعون فريسة بأيدي المتاجرين، سواء كانوا في بلدانهم أو خارجها. وتوفر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الدولية والبروتوكولات الملحقة بها المساعدة للدول في جهودها الرامية إلى منع الاتجار بالبشر ومعاقبة المتاجرين بهم.
وأكد تقرير حديث صادر عن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة أن النساء والأطفال يشكلون نحو 75 % من ضحايا الاتجار بالبشر، مشيرًا إلى أن الرجال والأطفال يقعون ضحية للاستغلال كعمال سخرة، ويزج بهم لأعمال تهريب المحرمات والممنوعات. وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنى قرارًا بالإجماع بشأن مكافحة الاتجار بالبشر، ودعا القرار الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة وفورية لمنع الاتجار بالبشر وتجريمه والتحقيق في حالاته ومقاضاة مرتكبيه ومساءلة الضالعين فيه.
وإزاء تنامي هذه الظاهرة، وخشية أن تطول بلادنا الحبيبة، فان الدعوة ملحة لتضافر الجهود من كل مواطن ومقيم مع ما تبذله الدولة بتوجيهات عليا بهذا الشأن، وما تقوم به هيئة حقوق الإنسان، ولرفع مستوى الوعي بين فئات المجتمع لإدراك المخاطر الناجمة عن هذه الظواهر السلبية.