سلمان بن محمد العُمري
لو أن رجلاً استضاف جمعاً من أصحابه أو أقاربه ودعاهم للغداء أو العشاء وذبح لهم ما يسر الله من الغنم أو الإبل بل وحتى الطيور، وقبل أن يدعوهم للأكل أو بعده قام يحدثهم عن غلاء ما اشتراه لهم من المذبوح وارتفاع سعره وأنه لقي صعوبة وكلفة في الشراء، بكل تأكيد أن المدعوين سيضجرون من هذه المنة وهذا الحديث السمج فهو غير مقبول وغير محمود ويستنكره الذوق السليم والعقل الفطين ولا يقبله من سمع به فضلاً عمن يعنيه الأمر من المدعوين الذين تم دعوتهم لإكرامهم فإذا به يهينهم بترديد القول من خلال تذمره، أو حتى تفاخره بأنه اشترى ذبيحة بسعر غالٍ.
وجدير بكل مسلم ومسلمة أن لا يذكروا سعر الأضحية في المجالس أو عند الزملاء أو عبر رسائل الجوال ووسائط التواصل؛ ولا يتضجروا من الغلاء لأن هذه الشعيرة تقدم تقرباً لله عز وجل، باعتبارها شعيرة من شعائر الإسلام، وهي سنة مؤكدة على الراجح من أقوال الفقهاء، وعلى المضحي أن يقدمها بنفس طيبة لله، وكما ذكرت آنفاً لو أن ضيفاً أو ضيوفاً تمت دعوتهم وذبحت لهم وجلست تردد وتذكر لهم سعر الذبيحة لساءهم ذلك، وقد شرع الله الأضحية للعديد من الحِكم، وفي مقدمتها التقرب إلى المولى عز وجل حيث يقول في كتابه الكريم: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (2) سورة الكوثر، وكذلك شكر الله تعالى على ما سخر لنا من بهيمة الأنعام، كما أن فيها إحياء لسنة سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، إذ أوحى الله إليه أن يذبح ولده إسماعيل ثم فداه بكبش فذبحه بدلاً عنه، قال تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (107) سورة الصافات، ومن المعاني الجميلة أن فيها التوسعة على العيال يوم العيد، وإشاعة الفرحة بين الفقراء والمساكين لما يتصدق عليهم منهم.
وإذا كان ينبغي على المسلم عدم ترك الأضحية لغير عذر، أو بحجة غلاء الأسعار، فمن الواجب أن تعظم هذه الشعيرة من عظمة المقدم له، والمستحب في الأضحية أن يأكل منها صاحبها ويتصدق ويهدي، ويحمد الله على ما أنعم الله عليه فلا يتحدث عن قيمتها، أو من أهدى إليه ولم يرد الهدية أو أن أضحيته طيبة ومن أهداه عكس ذلك، حتى لا تتحول العبادات إلى عادات ويدخل فيها الرياء والسمعة أو الامتنان، ومما يجب التنبيه عليه والتحذير منه أيضاً السخرية والاستهزاء بهذه الشعيرة بأن يكتب الإنسان أو يصور أو ينقل الرسائل الساخرة عن الأضاحي، فإن هذه الأقوال والأعمال جميعها تتنافى مع تعظيم شعائر الله.
قال تعالى: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) سورة الحج، فهنيئاً لمن وفقه الله بأداء الأعمال الصالحة في أيام العشر المباركة من صلاة وصيام وذكر، ومن وفقه الله لحج مبرور، ولم يسخط أو يتذمر أو يباهي و يتبختر.