د.خالد بن صالح المنيف
في هذا الزمنِ، اختار البعضُ أنْ ينكشفَ للآخرين؛ فكلُّ تحرُّكاتِه وكلُّ سكناتِه مكشوفةٌ!
- ماذا أكلَ، وماذا شربَ؟
- أين ذهبَ، وماذا فعلَ؟
- مَن كان بصحبتِه ومتى غادر؟
- ومتى نام؟ ومتى استيقَظَ!
وكشفُ الأسرار وفتحُ نوافذ البيوت عمدًا للقاصي والدَّاني، لاشكَّ أنَّ له آثارًا سلبيةً، ونتائجَ وخيمةً، وعواقبَ وخسارةً فادحةً!
فلا تعتقد أنَّ الكلَّ يتمنَّى مصلحتَكَ، ويحبُّ الخيرَ لكَ وإنِ ابتسَم في وجهِكَ، وإنْ ألانَ لكَ الكلمةَ ورقَّقَ لك الحرفَ!
وثمة بشرٌ لا يتمنون زوالَ النعمة فحسب، بل ويباشرونَ كلَّ ما في وُسْعِهم من وسائلَ شيطانيَّة لتجريد صاحب النّعمة من نعمته، ولا حولَ ولا قوةَ إلَّا باللهِ!
ومن آثار التوسُّع في كشف التفاصيل أنه زهَّد بعض النساءَ في أزواجهنَّ؛ لأنها تتخيلُ أنَّ كل مَن حولَها يحيون أسعد حياة وهي التعيسة! وأنَّ زوجَ فلانة وعلانة أزواجٌ كُمّل أمَّا زوجُها فلا! ومن الفتياتِ مَن تزهَد بأهلها، وترى أنها تعيشُ حياةً بسيطةً!
وللأسف أنّ البعض يحكم على حياة الآخرين من خلال لقطة واحدة!
فتجزم أن تلك المرأة مدللة من زوجها لمجرد أن أهدى لها هدية صغيرة!
وأن هذا الرجل غاية في الأناقة والذوق والروعة بل وقد يصل لدرجة الملائكة لمجرد أنه ما يظهر أنيقًا مرتبًا يحكي كلاماً جميًلا لمدة دقيقة كل يوم!
وأعرف زوجًا رأى مشهدًا لإحدى النساء عرضت فيه سفرة طعام جهزتها لمناسبة، وقد كانت في غاية الترتيب والنظام وصادف أن زوجته كانت محدودة الموهبة في مسألة تنظيم وترتيب سفر الطعام ؛ فهو هنا قارن أسوأ ما عند زوجته بأفضل ما عند تلك المرأة مما سبب له مشاعر سلبية تجاه زوجته!
وهناك من يتوسعُ في إظهارِ حياة الترف التي يعيشها وأرى أن المحرض الأولُ في هذا - ولاشكَّ - التفاخرُ والاستعراضُ، وخصوصًا معشرَ النِّساء، فكأنما هم في سباق عدوٍ!
وهذا لاشك سلوكٌ غير ناضج فربما كُسر به قلوب مساكين, وربما جعل البعض يزهد كثيراً في حياته!
ما أجملَ أنْ تحظى حياتُنا بشكل عامٍّ بشيء من الكتمان والخصوصية، وبغلاف راقٍ من الغموض المُحبَّب!
سُئلت ذات يوم : لماذا لا تنقل لنا يومياتك في مواقع التواصل؟
فقلت: لأمرين أحدهما يخصكم , والثاني يخصني:
أما الذي يخصكم: فلماذا أشغلكم بأمور تافهة؟ ويومياتي ويوميات أي شخص تعتبر من التوافه لا نفع منها في الدنيا ولا في الآخرة ؛ إشباع فضول لا أكثر! ولا يصح أن نملأ وقتًا أو عقًلا بها!
أما الأمر الذي يخصني: فلا يحق لعامة الناس أن يقفوا على كل تفاصيل حياتي فهي أمرٌ خاص بي!
نصيحتي لكم اظهروا ما تحبون أن يكتب لكم في صحيفة أعمالكم وكذلك إن أردتم المزيد من الهيبة والاحترام والتقدير فلا تفتحوا نوافذ حياتكم للجميع!