أحمد فلمبان
يُعد الفن التشكيلي في السعودية الساحة الأكثر اتساعاً لاستيعاب التجارب الثقافية، لكنه حتى الآن لم يتمكن من إقناع المجتمع، ولا حتى الوسط الثقافي الذي يجاهد للانتماء إليه، بأنه واحد من «العائلة» الثقافية، ومكون أساسي في التعبير الإنساني للثقافة، ولذلك بقي مهمشاً ومحروماً من العناية والاهتمام. ولكي يتحقق تطلعات الفن التشكيلي بالمملكة والنهوض به إلى مستوى الحراك لا بد من أن يتسع الإدراك بوجوب مساندة الفن من المجتمع والجهات المشرفة وتكريس الجهود للنهوض به ودعمه، سواء داخل المملكة أو خارجها، باعتباره صورة تمثلنا ورسالة مشرفة راسخة توصل رؤيتنا وثقافتنا كفن سعودي عربي مسلم، فالأمل -بعون الله- في رؤية 2030 لتحقيق التطلعات ووضعه في المسار الصحيح ليواكب مسيرة دول الجوار وركض العالم، والعمل إلى بنائية واضحة المعالم للفن التشكيلي السعودي ورؤية فنية صحيحة منبثقة من قيمنا وثوابتنا ترسم ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا بألوان قوية ناصعة النقاء. نتطلع إلى رؤية جديدة للفن التشكيلي السعودي يدركها الفرد والمجتمع ويزيل عنه النظرة الدونية وازدراءه للفنون بشكل عام، وتتكامل في ضوئها الجهود بين المؤسسات التثقيفية فيه وتنبثق منه الخطط والأهداف الواضحة والإستراتيجيات والمخرجات والمنتجات، على خطط تتسمم بالشفافية والعدل، وليست قائمة على اجتهادات شخصية أو عموميات غير عملية، وتهيئة المؤسسات التي تتولى الإشراف عليه. نتطلع إلى مستوى من الوعي الجماعي يؤمن بأهمية مجال الفن التشكيلي للمجتمع ليكون من عداد المجتمعات المتقدمة ومركز إشعاع ثقافي تنويري، نتطلع إلى إنقاذ الفن التشكيلي السعودي من غيبوبة مرجعياته ومؤسساته وانتشاله من الحالة الكئيبة البائسة وتعقيدات المشرفين عليه، والذي ما زال ومنذ أكثر من نصف قرن يترنح في مسيرته، بسبب العديد من العوائق والإشكالات التي تعترض طريقه ووصوله إلى المستوى الذي يميزه عن باقي الفنون العربية والعالمية والارتقاء إلى مستوى «الحراك» له منطقه المؤسسي بسنده المادي والاجتماعي. نتطلع إلى فجر النهضة التشكيلية السعودية.
وفي رأيي لدفع مسيرة الفن التشكيلي إلى الأمام ليكون ظاهرة حضارية ملموسة وحراكاً تشكيلياً:- (1) صياغة رؤيا مغايرة للفن ودوره في حياة الأفراد وتحريره من التعقيدات والعوائق وتأصيله بما يتوافق الشخصية الوطنية. (2) الانفتاح على المعطيات الحديثة والتركيز في استثمار الفن التشكيلي كقوة إنتاجية محلية تتطلع إلى العالمية. (3) دعمه مالياً. (4) الاستفادة من تجارب الأمم المتقدمة في التنمية للحركة التشكيلية في ظل حدودنا التشريعية والاستعانة بالخبراء لوضع الإستراتيجيات وتأسيس البنية التحتية والخطوط الرئيسة التي تواكب ما يجري في العالم. (5) إنشاء كليات للفنون الجميلة ومعاهد للناشئة لضمان استمرار العطاء الفني وغرس الذائقة الفنية. (6) إنشاء مراكز ثقافية. (7) إنشاء متحف للفن التشكيلي السعودي المعاصر للمحافظة على الكثير من التجارب الفنية الجادة التي تعد جزءاً من النسيج الثقافي المعاصر بالمملكة. (8) العمل على استئناف البعثات الخارجية في مجال الفنون الجميلة وتوفير الفرص لأصحاب التجارب المتميزة. (9) إنشاء صالات عرض فنية احترافية. (10) الاهتمام بالإعلام المتخصص. (11) تشجيع التأليف والبحث الفني. (12) إنشاء قاعدة معلومات للفنانين. (13) تفعيل المرسوم الملكي رقم م / 41 وتاريخ 2-7-1424هـ بصدد نظام حقوق المؤلف وتطبيقه على الفن التشكيلي. (15) إقامة فعاليات فنية دولية على غرار (البيناليات والتريناليات). (15) استحداث جائزة الدولة التقديرية في الفنون التشكيلية. (16) إنشاء دائرة للفنون الجميلة في كل بلدية.