فيصل خالد الخديدي
القوة الناعمة هي قدرة المجتمعات على جذب الآخرين وقيادتهم نحو فكرها واحترام أسلوبها وثقافتها والإعجاب به ثم اتباع مصدره من خلال قوة روحية ومعنوية تجسده بأفكار ومبادئ وأخلاق، ويتحقق ذلك بدعمها لمجالات عدة من أهمها البنى التحتية والثقافة والأدب والفن وذلك للتأثير على الرأي الاجتماعي والعام وتغييره.
إن الدبلوماسية الثقافية، كما يراها ميلتون كامينغز هي «تبادل الأفكار والمعلومات والفنون وباقي جوانب الثقافة بين الدول والشعوب من أجل تعميق التفاهم» والريادة في الساحة الدولية والمجتمعية تستمد شرعيتها من أولئك الذين يمتلكون أكبر قدر من القوى المادية والفكرية والثقافية والفنية، ويحرصون جاهدين على تسويق ثقافاتهم وتصوراتهم للعالم والإقناع بها.
ولكي تكون المجتمعات مُصدرة لثقافتها وناشرة لفنونها ومؤثرة بقوتها الناعمة لابد أن يكون إيمانها الداخلي بثقافتها وفنها أول خطوات هذه القوة، وأن يتبنى أفراد المجتمع هذه الثقافة فطاقة التأثير تبدأ من الداخل لتتسنم القيادة بالخارج، وتتمكن من نشر أسلوبها وثقافتها والجذب له ،كما أن العمل المنهجي والتخطيط وتحمل ذلك من قبل جميع المؤسسات الثقافية والفنية الحكومية والأهلية واستشعار أهميتها من الجميع حتى مؤسسات المجتمع المدني وتكون مشاركتها سواء الحرة أو التطوعية فاعلة في تحقيق المصالح الوطنية للبلد والمجتمع تشكل صورا إيجابية عن المجتمع والدولة، وتمكنها من تصديرها بشكل منهجي مدروس ومؤثر.
ومجتمعنا المحلي يمتلك مقومات فكرية وهوية ثقافية يمكن تصديرها، وأن تشكل قوة ناعمة ومؤثرة على مختلف المستويات، ولكن ضعف الإيمان الداخلي بأهمية قوتنا الثقافية الفنية والفكرية وعدم معرفة المجتمع بمفاتيح هذه القوة والإفادة والاستفادة منها ومن طاقتها المؤثرة جعل البعض أكثر انغلاقا وإقصاء ومحاربةً لأبسط أنواع الفنون والثقافة وتجريمها وتهميش دورها ومحاربته، فتخريب عمل فني في مهرجان أو تمزيق لوحات فنية في مناسبة سياحية مؤشر كبير على ضعف الوعي بأهمية الفنون ودورها وإن كانت مواقف بسيطة ومتفرقة إلا أنها مؤثرة وتعطي دلالة على عدم جاهزية هؤلاء لخلق قوة ناعمة مؤثرة وهو ما يتطلب دورا كبيرا وأكثر فاعلية للمؤسسات الثقافية والتعليمية لدعم الثقافة والفن والفكر لتكون مقنعة داخلياً قبل أن تكون قوة ناعمة مؤثرة خارجياً تستحق الإتباع والسيادة.