د.محمد بن عبدالرحمن البشر
حقوق الإنسان مصانة في الكتب السماوية، وفي كثير من الأعراف والقيم الإنسانية في أغلب المجتمعات، وقد وضعت المجتمعات العالمية في عصرنا الحاضر حقوقًا أساسية وردت في الميثاق العالمي لحقوق الإِنسان، كما وضعت عهودًا ومواثيق دولية تفي بالقيم التي يجب التقيد بها، والحقيقة أن القوانين في مجملها بما فيها تلك المتعلقة بحقوق الإنسان إنما هي عقد اجتماعي يكون مرجعًا للمجتمع للعودة إليه، فيما يخص تلك الحقوق.
لعل من أبرز تلك الحقوق، هو حق الحياة وهو حق أساسي ومقدس لا يسمح بانتهاكه تحت أية ذريعة كانت، وهذا يضمن له حياة كريمة وآمنة، والمملكة العربية السعودية انطلاقًا من دستورها القرآن الكريم، تمنح هذا الحق وتطبقه على كل من يعيش على أرضها، دون تمييز بين المواطن والوافد الكريم.
والحق الآخر، هو حقه في حماية كرامته في وجه الانتهاكات والضغوط وسوء المعاملة التي يتعرض لها في حدود القانون، وله حق الدفاع عن نفسه، كما لا يخضع للتعذيب أو الإهانة أو المعاملة غير الإنسانية، ويعد التعذيب جريمة ضد الإِنسان، ولو فتحنا صفحة من صفحات المملكة المضيئة فيما يتعلق بهذا الحق لوجدنا أن المملكة لا تقف عند دعوى المشتكي وإنما تتلمس ذلك بنفسها عبر حرصها على تنفيذ هذا الحق من خلال المتابعة الميدانية لأجهزتها المختلفة، وكذلك القطاع الخاص، كما أنها تتابع بدقة كاملة ما قد يثار عبر وسائل الإعلام، فتتحقق من تلك الممارسة، وتبادر بصورة عاجلة إلى اتخاذ الإجراءات النظامية والقضائية العادلة لحماية المجتمع من أي تجاوزات فردية.
وحق آخر أيضًا يتمثل بحرية ممارسة الدين والاعتقاد، وكلنا يعلم أنه يعيش على تراب المملكة كثير من الجنسيات ذات المعتقدات المختلفة، ولم يتعرض أي منهم لأي ممارسة تمنعه من حقه في تلك الممارسة، بل إن هناك من أصحاب الأديان والمعتقدات من يعيش بين الأسر، مع تمتعهم بحريتهم في معتقدهم.
والمشاركة السياسية للمجتمع متاحة عبر السبل والوسائل المناسبة للمجتمع والمتعارف عليها عبر آلاف السنين، ولا أحد يمنع من التعبير عن رأيه بما لا يخل بالأمن والاستقرار وبما لا يخدم الأعداء والمتربصين، وهذا حق ظاهر وممارس للصغير والكبير الذي باستطاعته الوصول إلى ولي الأمر أو من ينيبه من أمراء المناطق ولا يترتب على إبداء ذلك الرأي أي مساءلة إذا تم عبر القنوات الرسمية، وبما لا يخل بالأمن، بل قد يؤخذ بهذا الرأي إذا ما اتفق مع المصلحة العامة.
ومن الحقوق السائدة في المملكة وبما يتفق مع حقوق الإنسان أن الدولة لا تسمح بأي حال أن يهان أحد بسبب هويته أو انتمائه، وحتى ما قد يثار عبر وسائل الإعلام من ممارسة فردية فإن الدولة تسارع باتخاذ ما يلزم، كما أنها تضمن لكل فرد على تراب المملكة حقه في إقامة دعوى ضد من ينتهج نهجًا يلمس منه إهانة بسبب هويته أو انتمائه.
هذه نماذج مما تحرص المملكة على تطبيقه وهناك عنصر مهم أيضًا تحرص المملكة على محاربته داخل المملكة وخارجها، وهو الاتجار بالأشخاص، والواقع أن هذه الممارسة نادرة الحدوث في مجتمعنا والحمد لله، وذلك بفضل الله أولاً، وبما زرعه الإسلام من أخلاق وقيم أضحت جزءًا من هوية المجتمع، وكذلك ما توارثته الأجيال عبر السنين من موروث يأنف لمثل هذه الممارسة الشاذة، ومع ندرة ذلك في مجتمعنا إلا أن المملكة قد أصدرت قانونًا لمكافحة الاتجار بالبشر، وقررت معاقبة كل من يقوم بالاتجار بالأشخاص بالسجن مدة لا تزيد عن 15 سنة أو بغرامة لا تزيد عن مليون ريال، ويشمل ذلك الاتجار الإكراه أو التهديد أو الاحتيال على الضحية أو خداعه أو خطفه أو استغلال الوظيفة أو النفوذ أو إساءة استعمال السلطة، أو استغلال ضعفه، أو إعطاء مبالغ مالية أو مزايا أو تلقيها لنيل موافقة شخص له سيطرة على آخر من أجل الاعتداء الجنسي أو العمل أو الخدمة قسرًا، أو التسول أو الاسترقاق، أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء، أو إجراء تجارب طبية عليه، وأكَّد القرار أن العقوبات سوف تشدد إذا كان الأمر يتعلق بامرأة أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو إذا ارتكبت ضد طفل، حتى ولو لم يكن الجاني عالمًا بكونه المجني عليه طفلاً، وأيضًا إذا كان مرتكبها زوجًا للمجني عليه، أو أحد أصوله، أو أحد فروعه، أو وليه أو كانت له سلطة عليه.
هذه نبذة عمّا تنعم به المملكة، وما تطبقه فعلاً بما يتفق مع حقوق الإنسان وبما فيها الاتجار بالأشخاص بشتى صوره.