ياسر صالح البهيجان
في ظل اتجاه المملكة إلى تعزيز دور القطاع السياحي وتحسين جودته لجعل المدن السعوديّة وجهة سياحيّة من شأنها أن تقلل الاعتماد على الصادرات النفطيّة، تبرز البيئة الساحليّة في المناطق البحريّة بوصفها أماكن جاذبة للسيّاح سواءً من الداخل أو الخارج. ولدى المملكة مقومات كبرى للاستفادة من تلك المناطق في جانبها الشرقي المطل على الخليج العربي، وكذلك في جهتها الغربية المحاذية للبحر الأحمر، فضلا عن احتضانها لأكثر من 1200 جزيرة بكر تنتظر التطوير.
مسؤوليّة كبرى ملقاة على عاتق وزارة البيئة والمياه والزارعة والهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة إذ يُنتظر منهما تنفيذ برامج مراقبة تلوث مياه البحر، وإعادة تأهيل البؤر الملوثة في المناطق الساحلية والبحرية، ورفع مستوى الوعي المجتمعي في الحفاظ على بيئة السواحل، وفرض عقوبات رادعة على المخالفين.
الواقع يؤكد حجم الكوارث البيئية في المناطق الساحليّة، أي أن السواحل تحتاج إلى مزيد من التأهيل لتحويلها إلى وجهة سياحيّة صحيّة، والتلوث يهدد أيضًا البيئة الطبيعية، وقد أشارت إحصائية رسمية إلى أن 80 في المائة من الشعاب المرجانية الموجودة في الخليج العربي تأثرت بسبب التلوث ومن المتوقع اندثارها خلال 30 عاماً، في ظل تزايد مخالفات المدن الصناعية في تصريفها للمياه الملوثة في مياه البحر، وعدم توفّر معالجة كافية لمياه الصرف الصحي والتي يجري صرفها نحو المناطق الساحلية، فضلاً عن تلوّث الهواء في تلك المناطق نتيجة تمركز التجمعات الصناعية على امتداد السواحل.
من الضروري أن تشكّل وزارة البيئة والهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة لجنة تباشر أعمال حماية المناطق الساحلية من التلوثات المائية والهوائية، وأن توحّد جهودها لمواجهة الخطر المتفاقم المهدد لمياه البحر، ومن شأن تحركهما العاجل تهيئة الظروف الملائمة للاستفادة من تلك المناطق بما يحقق الأمن الصحي للسكان من جانب، ويسهم من جانب آخر في توفير أساس متين لبناء سياحة ساحليّة متطوّرة تنسجم مع التحول الاقتصادي المنتظر.
الحرص على بيئة المناطق الساحليّة لابد أن يمثّل أولويّة قصوى لدى الجهات المعنيّة، من يؤكد أهميّة سنّ أنظمة جديدة ووضع استراتيجيات يمكن بلورتها إلى عمل فعلي على الواقع، ومياه البحر ثروة حقيقية ومكون جغرافي رئيس لا يمكن إهماله إن أردنا المضي قدمًا نحو بيئة آمنة وسياحة يشار إليها بالبنان.