م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. الاسم ليس وصفًا يعرِّف الكائن الحي، أو مادة إضافية فقط.. بل هو دالة إلحاقية.. يكاد يتساوى في تأثيره وعمق حضوره في النفس مع العِرق واللغة والمنطقة.. فالاسم يأتي رابعًا معها في التأثير على حياة الفرد حيثما وُجد، وفي أي زمن كان.
2. تسمية الأبناء جزء من ثقافة الشعوب.. ودليل على مستواها المعيشي.. واستقرارها الأمني، ومدى نموها وتمدنها، وتأثير البيئة المناخية والجغرافية عليها.
3. اتفقت ثقافات الشعوب على أن لكل شخص من اسمه نصيبًا.. وهو اتفاق تتوارثه المجتمعات على اختلافها.. مما يعني أنها ظاهرة مؤكدة، أثبتتها تجارب الشعوب؛ فرددتها في تراثها.. من هنا يجب النظر وبشدة في معنى الاسم ومناسبته لزمانه.
4. لكل حقبة زمنية ظروفها التي تترك طابعها وتأثيرها حتى على الأسماء.. ففي فترة الستينيات الميلادية من القرن الماضي إبان الانقلابات العسكرية والتجييش للحرب على إسرائيل.. انتشرت أسماء تناسب تلك المرحلة، مثل: نضال وكفاح وجهاد وجمال.. وهكذا.. ثم إبان فترة أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات مع صعود الصحوة والحرب في أفغانستان انتشرت الأسماء العربية القديمة المأخوذة من أسماء قادة ومحاربي معارك وانتصارات الجيوش الإسلامية، مثل: معاذ والمعتصم والبراء والمنذر وحسان.. وهكذا.. واليوم ونحن نعيش مرحلة ما يسمى الربيع العربي ونكساته وداعش والنصرة وحزب الله فأي الأسماء ترى سوف تطغى في هذه الحقبة؟
5. يجب أن نتذكر أن أسماء أبنائنا ليست لنا بل لهم؛ فلا يجب أن تفرض عليهم.. لا تجعل العاطفة أو الولاء أو الاتباع أو التقليد تتدخل في قرار التسمية لابنك أو ابنتك.. لقد نصحنا رسولنا الكريم بأن نُحسن اختيار أسماء أبنائنا.. فإذا كان اسم أبيك مستغربًا في جيلك فهو - لا شك - سوف يكون مستغربًا في جيل أبنائك.. وليس من البر بوالديك أن تسمي أبناءك باسمهما.. وليس من برهما إلحاق أذية بأبنائك.
6. حدثني صديق أردني متمدن أن أباه طلب منه أن يحيي ذكرى أخيه (عم صديقي) الذي توفِّي شابًّا قبل ولادة صديقي نفسه.. وأن يسمي حفيده باسم أخيه «مذيب»!.. يقول الصديق: صُعقت وصُعقت زوجتي أكثر مني، وكادت تنهار.. فهل سوف تكنَّى باسم (أم مذيب!؟).. وجد نفسه حائرًا بين البر وعدم البر.. البر بوالده مقابل أذية زوجته وابنه القادم.. فهذا اسم لم يكن مستساغًا في جيل الأب، فضلاً عن أن يكون مستساغًا في جيل الابن أو الحفيد.. فاستوصوا بأسماء أبنائكم خيرًا.