بعد أن أشرقت شمس الرؤية الطموحة للمملكة العربية السعودية 2030 بقيادة خادم الحرمين الشريفين ومهندس الرؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد -حفظهما الله-، نلاحظ أنها قد أولت قطاع الآثار والسياحة الجانب الأكبر، ولعل المميز لهذه الرؤية الطموحة اقتران أقوالها بالأفعال، وسرعة التنفيذ ولعل إنشاء الهيئة الملكية لمحافظة العلا ومشروع البحر الأحمر خير دليل على ذلك.
لقد حبا الله مناطق الساحل الشمالي الغربي العديد من المميزات سواء على مستوى الإنسان والبيئة والتاريخ والحضارة ولعل الاهتمام بها جاء بهدف تنمية المناطق بصورة علمية وجعل الناس يستفيدون مما يقدم من مشاريع سياحية وترفيهية في ظل حدودهم السياسية الآمنة.
لقد ظلت الجزيرة العربية عبر تاريخها الطويل مقصداً للرحالة والمستكشفين من العرب والمسلمين والأجانب من الغرب والشرق ولم يتجاهلها الشعراء حتى يومنا الحاضر وتغنى بأرضها جل عظماء الفن العربي الأصيل وتمنى زيارتها كل غربي وشرقي.
لقد عرف الجزء الشمالي الغربي من المملكة العربية السعودية أحداثاً تاريخية جساماً غيّرت مجرى التاريخ؛ فالديانات السماوية مرت من هناك وزارها الأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة والتسليم ومكث بها أشرف الخلق نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وهو في طريقه لغزوة خيبر وتبوك وقرح (وادي القرى).
هذه المناطق حباها الله خصوبة ووفرة في المياه ومناخاً يوصف طبياً بأنه مناخ يطيل عمر الإنسان نظراً لارتفاع نسبة الأكسجين كما تقول فحوصات منظمة اليونسكو (والأعمار بيد الله) كما أن الساحل الشمالي الغربي للبحر الأحمر لا تعرف فصلاً حاراً أو رطوبة صيفية كما حباها الله مناظر طبيعية خلابَّة وأهلاً كراماً.
إن رؤية 2030 للجانب السياحي والآثاري المهمل والمعطّل منذُ سنين أفرز لنا حلاً بإنشاء الهيئة الملكية لمحافظة العلا فهي بمثابة إنقاذ لتراثنا الوطني ونقلة من حالته الساكنة والجامدة إلى سياق حركي يستفيد منه الناس ويضخ مليارات الريالات للاقتصاد ويخلق عشرات الآلاف من الوظائف.
وإن سمح لي مهندس الرؤية سمو ولى العهد - حفظه الله بطرح أفكار تسهم في دعم الرؤية فاعتقد بأن إنشاء منطقة رابعة عشر في التقسيم الإداري للمملكة العربية السعودية باسم المنطقة الشمالية الغربية تنطلق حدودها الإدارية من محافظة العلا حتى محافظة حقل سيدعم توجه الرؤية بهذا الجانب كون الرؤية تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة لجزء غال من بلادنا. والله الموفّق.
** **
د. أحمد بن محمد العبودي - كلية السياحة والآثار - قسم الآثار - جامعة الملك سعود
alabodi@ksu.edu.sa