غسان محمد علوان
أطل علينا الموسم الجديد بمنظر مختلف للعديد من الأندية، وخصوصاً ما يُسمى بالأندية الكبيرة. فأربعة أندية من الأندية الكبيرة بدأت مشوارها دون أن تخصل على راعٍ أساسي على قميصها، وخامسهم أعلن على صدر قميصه بقيمة زهيدة لا توازي جماهيريته وقيمته التسويقية. فشل ذريع في تسويق العلامة التجارية، تتحمّله الأندية أولاً وأخيراً. فحتى في ظل الأزمات المالية التي قد تطغى على بعض المجتمعات، فالرياضة والترفيه هما القطاعان الأقل تأثراً لكونهما الملجأ والمهرب للمواطنين عن هموم الحياة. ولنا في حالات الكساد التي حصلت على مر التاريخ لدولٍ كبرى أوضح أمثلة.
فالأندية لدينا ما زالت تعامل التسويق والاستثمار والرعايات بسذاجة لا مثيل لها، وكأنها تنعم ببحور من الأموال الطائلة تمتلئ بها خزائنها وحساباتها البنكية. فتجد في كل مجلس إدارة عضواً مسؤولاً عن ملف الاستثمار، هو الآمر والناهي في كل ما يتعلّق بالنادي ومكتسباته الاستثمارية. غالباً هذا الشخص يكون رجل أعمال ناجح، وتجربته التجارية هي السبب الرئيس في منحه هذا المنصب الشرفي. ولكن ماذا بعد ذلك؟ هذا العضو غير المتفرِّغ المشغول بأعماله الخاصة، لا يجد وقتاً لحضور بعض اجتماعات مجلس الإدارة. وإن حضرها فسيتلخص دوره في التنظير ونشر حكمته العملية دون أن يقوم بالعمل فعلياً. فهل هذا ما جعله ناجحاً في عمله الخاص؟ بالتأكيد لا. ففي عمله الخاص أفنى أيامه تخطيطاً وعملاً، وعيّن مجموعة من الموظفين ليتمكّنوا من القيام بجميع التفاصيل القادرة على إنجاح العمل. موظفون متفرِّغون، يرأسهم موظف متفرِّغ، هدفهم واحد. أما في الأندية فلا شيء حقيقياً يحصل على الإطلاق. أين الخطط التسويقية قصيرة المدى وبعيدة المدى؟ أين الميزانيات المخصصة لإنجاح تلك الخطط؟ أين الأهداف الواضحة (رقماً وانتشاراً) التي يرغب النادي في الوصول إليها؟ أين عروض الرعاية المتكاملة التي تضمن للراعي تحقيق الفائدة التجارية عن طريق الاقتران بالنادي ورعايته؟ وقبل ذلك كله، أين الموظفون الذين يعملون على كل ذلك؟!
بعض الأندية ومن مبدأ (ريح راسك) ذهبت إلى الاستعانة بالخبرات الخارجية كحلٍ أول وسريع، رغم أن هذا الخيار من المفترض أن لا يأتي اعتباطاً. فالخبرات الخارجية إن لم تكن قادرة على الإضافة الربحية الفارقة جداً، فهي هدر لمكتسبات النادي القادرة على التحقق عن طريق إدارات داخلية متخصصة.
محزن جداً أن تتكرر نفس الأخطاء، وأن لا نرى أي تحرك حقيقي باتجاه توظيف وتفريغ أشخاص مؤهلين للقيام بأحد أهم الأدوار داخل الأندية. فهاجس المنافسات والبطولات، يجب أن لا يتعارض إطلاقاً مع الاهتمام بالرافد الأساسي الذي يضمن تحقيق تلك المكتسبات التنافسية التي يسعى لها النادي.