ثامر بن فهد السعيد
قمت السبت قبل الماضي بزيارة أحد الفلل السكنية المعروضة في مدينة الرياض بعد مرور تقريبا 9 أشهر على زيارتي الأولى لها، مساحة هذه الفيلا 390م في زيارتي الأولى لها وضع سعر البيع بـ2.4 مليون ريال سعودي دون فتح الباب للنقاش في السعر بحجة تزايد الطلب ومنطقية التسعير. بزيارتي الأخيرة لهذه الفيلا السبت قبل الماضي وجدت أن سعر البيع قد انخفض إلى 1.9 مليون ريال مع قبول المالك المفاوضة على السعر 1.8 مليون ريال (للصامل) حسب ما يحلو للعقاريين تسمية المشتري الجاد. انخفض سعر الفيلا خلال هذه الفترة بنسبة 20 في المائة بالتسعير وبنسبة 25 في المائة للمشتري الجاهز قياساً على سعر التفاوض، تكرر هذا الموقف معي أيضا في أراضٍ سكنية داخل النطاق العمراني ولكن في حي نسبة المبني منه ليست بالكبيرة ووجدت أن الأراضي السكنية التي سبق ووقفت عليها تراجعت بنسبة مماثلة وتزيد لحدود 30 في المائة. تعد هذه القصص شواهد ملموسة على حال السوق العقارية في المملكة إن كان ما ذكرت أو ما ذكره الآخرون.
عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر شاركت قصة الفيلا المعروضة للمتابعين وحصدت هذه التغريدة نقاشات كثيرة تناقش السوق العقارية, حقيقة الأسعار, مسببات التراجع بكل أشكالها وهذا بجانب إعادة التغريد التي شهدتها هذه التغريدة بين من اعتبرها شاهدًا على حال السوق العقارية ولم تسلم حتى من شكك فيها طرحها أيضا تلاها مشاهدات كثيرة تشير إلى تراجع أسعار العقار في مدن مختلفة من المملكة.
بجانب هذه الشواهد والتعليقات على السوق العقارية في المملكة أصدرت هيئة الإحصاء تقريرها للربع الثاني 2017عن سوق العقار في المملكة بكافة قطاعاته السكني، التجاري والزراعي وأظهرت بيانات التقرير والصفقات أن المنفذ على القطاع السكني في المملكة يمثل 65 في المائة من إجمالي الصفقات العقارية في كافة القطاعات. يشير تقرير الهيئة إلى أن أسعار العقارات السكنية في الربع الثاني بالمقارنة مع الربع السابق تراجعت بنسبة 2 في المائة وتراجعت بواقع 8 في المائة بالمقارنة مع الربع المماثل من العام السابق إما بمقارنة الأرقام القياسية للعقار السكني في المملكة مع سنة الأساس 2014 فإن مؤشر الأسعار تراجع بنسبة 9 في المائة. يعد هذا التقرير دلالة قاطعة على توجه الأسعار نحو التراجع.تستدل هيئة الإحصاء على مؤشرها العقاري بأرقام تستقيها من كتابة العدل وكذلك فإن العدل تنشر هذه الأرقام على موقعها الالكتروني كمؤشر عقاري يحتوي قيم الصفقات العقارية التي تتم في مناطق المملكة كافة وهذا المؤشر أيضاً بدوره يشير إلى تراجع النشاط العقاري في المملكة تزامناً إلى تراجع النشاط في عدد القطاعات, ينشط المؤشر بين فترات زمنية مختلفة تمثل قفزات في القيمة لا تعكس التوجه العام لهذه السوق.تذخر المملكة بشريحة عريضة من طالبي المساكن الحاليين أو المحتملين في المستقبل حيث تمثل الأعمار بين 30 – 44 سنة ما نسبته 27 في المائة من إجمالي المواطنين في المملكة وهم من سيمثلون الطلب القادم على المساكن بالإضافة إلى الطالب القائم على المساكن من الأسر التي لم تتمكن حتى يومنا هذا من تملك مسكنها, تشير الإحصائيات القديمة إلى أن 60 في المائة من الأسر تمتلك مساكنها وإن كان هذا الرقم محل استفهام والمؤكد هو استمرار زيادة الطلب على المساكن في المملكة للتركيبة السكانية وأيضا للطلب الحالي على المساكن, برغم ذلك شهد السوق ركوداً تسببت فيه فجوه بين القدرة على الشراء وبين أسعار المساكن والعقارات في المملكة هذه الفجوة وإن تقلصت إلا أنها ما زالت بعيدة عن متوسط القدرة الشرائية للأفراد والمواطنين سواء كان ذلك قرضاً لمستفيد واحد أو قرضاً تضامني لأفراد أسره قياساً من متوسط الدخل والرواتب إما حسب ما أظهرته تقارير التأمينات للمشتركين أو من خلال قراءة مستويات الرواتب الحكومية. هذه بحد ذاتها جعلت الإسكان كمنظومة حكومية أمام تحدي توفير المنتجات وبين تشجيع المؤسسات الالية للإقراض وما زال هذا يمثل تطوراً بطيئاً خصوصاً وأن صندوق التنمية العقاري ما زال المقرض الأكبر في السوق العقارية وهذه إحصائيات أظهرتها أرقام وزارة الإسكان في وقت سابق من هذا العام.
يتطلب الوصول إلى منظومة سكنية صحية توفير مزيج من الخدمات والتسهيلات سواء من حيث الوصول إلى التمويل أو من خلال مراجعة سياسات وأنظمة البناء في المملكة والعمل على إنشاء ضواحٍ سكنية متكاملة الخدمات تجذب لها طالبي السكن. نترقب خلال مقبل الأيام بجانب مراجعة كل هذه السياسات الدور الذي ينتظر أن تلعبه شركة إعادة التمويل للمساهمة في توفير قدرة أكبر للإقراض العقاري في المملكة.