رجاء العتيبي
حاليًا يعتمد القطاع الخاص في (أعماله التجارية) على العقود الحكومية بنسبة 80 %، وهي نسبة كبيرة مقارنة بأمريكا والدول الأوروبية، بل نسبة خطيرة باعتبارها تجعل القطاع الخاص (يتكل) في تجارته على القطاع الحكومي، فإذا ما توقفت الحكومة عن (الدفع) تعطلت أعمال القطاع الخاص؛ الأمر الذي يصيب الاقتصاد بالشلل، ويصبح معرَّضًا لأمراض عديدة (ركود، بطالة وتضخم). وشاهدنا شيئًا من ذلك خلال الربع الأخير من العام 2015 م والربع الأول من العام 2016م، حينما بدأت وزارة المالية في مراجعة الموازنات تمهيدًا لصياغة رؤية 2030م والعمل ببرنامج التحول الوطني الذي يهدف إلى وقف الهدر المالي، ورفع كفاءة الإنفاق، وتحقيق التوازن المالي، حتى عادت الأمور إلى نصابها، وبُثَّ الروح في الاقتصاد وفقًا للرؤية السعودية 2030م.
وفي هذا السياق نشرت جريدة المدينة السبت الماضي: «إن 13 وزارة وهيئة حكومية تستعد لإطلاق (الخصخصة) ببعض خدماتها، وإسنادها للقطاع الخاص، من بينها: التعليم، السياحة، الثقافة والإعلام، النقل، الزراعة، العمل والشؤون الاجتماعية، الإسكان... إلخ».
هذه المبادرات (الخصخصة) التي بدأت الدولة تطبيقها لا نجد لها صدى كافيًا في (قطاع الثقافة والفنون) بمختلف تفرعاته، باستثناء قطاع الترفيه الذي بدأ برامج شراكة مع القطاع الخاص، وسلمه المهمة لتنفيذ البرامج الترفيهية وفقًا لإجراءات معتمدة، يعرفها الذين بدؤوا العمل معها.
الهيئة العامة للترفيه لا تدعم القطاع الخاص بموازنات مقابل الخدمات التي يقدمها حسب المعتاد، وإنما تهيئ له بيئة عمل آمنة، فيما يضخ القطاع الخاص (رأس ماله)، ويباشر المهمة بنفسه، والربح والخسارة يعتمدان عليه وعلى ما يملكه من قدرات ومميزات (تقنية وبشرية وإبداعية).. والذي يصدر حكمه في النهاية هو الجمهور.
قطاع الثقافة والفنون ما زال يعمل بالأنظمة السابقة، يدفع من ميزانيته الحولية للأنشطة والبرامج والفروع والموظفين والصيانة والتشغيل والترميم لدرجة العجز المالي؛ لأن هذا الإنفاق بهذه الطريقة التقليدية يفضي إلى إفلاس المنشآت الثقافية، أو على أقل تقدير لا يفي منتجها بالطموح؛ فتكون محل لوم وعتاب ونقد على مر السنين.
الهيئة العامة للثقافة (المرتقبة) إذا بدأت أعمالها بالطريقة ذاتها فإنها ستعيد إنتاج ذاتها، وتكرر الخطأ ذاته؛ لأن الإرث الذي ستحمله إرث كبير وضخم ومتناثر (جمعيات، ووكالات، وأندية أدبية، ومراكز ثقافية).
هل ستؤسس الهيئة (نظامًا اقتصاديًّا) لقطاع الثقافة والفنون، يعمل فيه القطاع الخاص بطريقة أكثر أمنًا، وأكثر حرية، وأكثر سهولة؟ أم أن الهيئة ستعمل بالإجراءات ذات التي أنتجت المشكلة؟ هذا هو السؤال!!! في حين الأمل ما زال يحدونا مع قيادات ثقافية جديدة واعية.