أ.د.عثمان بن صالح العامر
أحياناً تستغرب بعض التصريحات التي لا تجد لقائلها عذراً في البوح بها إلا إذا اعتبرتها من باب إثبات الوجود «هأنذا»، أو أنه يعلم شيئاً ليس مدركاً من قبل الآخرين وأراد أن يعرض به من بعيد، والاحتمال الثالث أنه لا يعرف حدود ومسؤوليات السلطات الداخلية للدول متى تبدأ وإلى أين تنتهي وهذه هي الطامة.
من هذه التصريحات التي توقفت عندها متعجباً وطبقت عليها الاحتمالات الثلاثة، قول معالي وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مؤتمر صحفي بالنرويج بعد صدور توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لأهلنا في قطر «من أن أكثر من مائة من الحجاج القطريين عبروا الحدود، معتبراً أن أمن وسلامة هؤلاء الناس مسؤولية السلطات السعودية» (CNN العربية).
طبيعي أن هؤلاء المائة حالهم حال الثلاثة الملايين الذين يفدون إلى أرض الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية من كل حدب وصوب لأداء مناسك الحج وطلب ما عند الله، وهل كان القطريون يأتون كل عام ومعهم حراسة أمنية خاصة برعاية ومتابعة من وزير خارجيتها لضمان أمنهم وسلامتهم منذ لحظة دخولهم الأراضي السعودية وحتى انتهائهم من مناسك حجهم؟!!
إن حكومة خادم الحرمين الشريفين «المملكة العربية السعودية» تبذل جهداً كبيراً على جميع المستويات وفي كافة الأصعدة من أجل أمن وسلامة الحجاج والمعتمرين، وفي سبيل تمكنهم من أداء مناسكهم بسهولة ويسر، قطريين كانوا أو إيرانيين أو من داخل المملكة أو أنهم قدموا من بلاد غير مسلمة أصلاً أو... لا فرق، وكما هي تصريحات قادة بلادنا المباركة وولاة أمرنا -حفظهم الله ورعاهم ووفقهم وحماهم- فإن السعوديين جميعاً حكاماً وشعباً، مدنيين وعسكريين، رجالاً ونساء، صغاراً وكبارا، يعدون القيام على خدمة المشاعر شرفًا عظيمًا منّ الله به علينا في هذه البلاد المباركة المملكة العربية السعودية التي حباها الله عز وجل بنعمة القيام على شأن الحرمين الشريفين، ولذلك فهم لا يملون ولا يتضجرون حين مباشرتهم لهذه الأعمال الجليلة، فضلاً عن أن يبخلوا على وفود الرحمن بجهد أو وقت أو مال.
العسكريون من جميع القطاعات وطلاب الكليات الأمنية لا ينامون الليل ولا النهار سهراً على أمن الحجيج وضمان سلامتهم فضلاً عن القطاعات الصحية والخدمية الذين توافدوا من جميع مناطق المملكة منذ مطلع الشهر الماضي تلبية لنداء الواجب الديني والوطني والوظيفي والإنساني، ولذلك لا مبرر لأن تصرح معالي الوزير من أرض النرويج بأن أمن وسلامة مائة شخص هي مسؤولية السلطات السعودية، إلا إذا كان لك فيها مآرب أخرى، خاصة في ظل تبني ساسة قطر طلب تدويل الحرمين الشريفين هذه الأيام!!
حفظ الله حجاج بيت الله الحرام، ووفقهم لأداء مناسكهم بأمن وأمان، وجزى الله بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية كل خير على ما تبذله من جهد، وما تنفقه من مال من أجل راحة الحجيج وسلامتهم، وأعان وزراءنا وعلماءنا ورجال أمننا على القيام بما ندبهم له خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين للقيام به، ودمت عزيزاً يا وطني، وعشر مباركات، وإلى لقاء والسلام.