«الجزيرة» - محمد السنيد:
قال الفقيد الشيخ محمد بن عبدالله السبيعي -رحمه الله- في حديث سابق عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- منذ توليه إمارة منطقة الرياض إلى توليه مقاليد الحكم إن الحديث عن الملك سلمان بن عبدالعزيز ليس بالأمر السهل، فسلمان يمثل شخصية فذة وتشكّل شخصيته ثقلاً له وزنه وقيمته وتأثيره على مر السنين محليًا وعربيًا وعالميًا.
لقد عرفت الملك سلمان منذ أن قدمت من مكة المكرمة للرياض للعيش والعمل فيها، فكان نعم الحاكم ونعم القائد، استفدنا من توجيهاته وحكمته الشيء الكثير نحن رجال الأعمال. ولولا أن الحديث عن سلمان الرجل الذي عاصرته لستين عامًا لما أسعفتني ذاكرتي.
عرفته جارًا وحاكمًا عندما كان مصرفنا القديم بجوار إمارة الرياض, فهو ليس بذلك الإنسان العادي بل هو مدرسة تخرّجت فيها آلاف البشر في ربوع وطننا الغالي المملكة العربية السعودية وخاصة في مدينة الرياض.
عرفت الملك سلمان حاكمًا قويًا صاحب قرار شجاع وقوي وجريء، ويَبتّ في الأمور ولا يعلقها.
وقال الشيخ السبيعي الملك سلمان منذ نعومة أظفاره وحياته كلها جد ونشاط وفكر وعمل فكان ولا يزال رمز الالتزام والدقة في المواعيد ومسؤولا منضبطا، فهو كان وما زال قدوة لغيره في احترام الوقت، حيث إنه يباشر أعماله في الإمارة قبل الموظفين، حيث يداوم الساعة 7:30 صباحًا لدرجة أدّت إلى أننا أصبحنا في مدينة الرياض نتداول مقولة: اضبط ساعتك على مواعيد سلمان.
عرفته رجل الخير ومؤسس الجمعيات الخيرية بجميع أنواعها, وهو بلا منازع داعمها الأول ماليًا ومعنويًا, وكان سبّاقًا إلى كل أعمال الخير يبذل من دون منّة, وقد وهبه الله نعمة الإنفاق مقرونة بالشكر لله، طالبًا المثوبة والأجر من الله سبحانه وتعالى، حيث دائمًا ما يكررها ويؤكد عليها في جميع لقاءاتنا معه والمتمثلة في أن العمل الخيري العام الذي ينتفع به أكبر مجموعة من الناس هو أعظم وأفضل أجرًا من العمل الذي يقتصر على فئة قليلة أو محدودة من الناس.
أقول هذا الكلام بشواهد كثيرة قام بها الملك سلمان في جميع أعمال البر والخير المتعددة من بناء المساجد، ورعاية الأيتام، وبناء المساكن للفقراء والمحتاجين، ودعم حلقات تحفيظ القرآن، وتبرعه بالجوائز المالية العالية لحفّاظ القرآن من البنين والبنات, وكذلك اهتمامه الشخصي الدائم برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة ومرضى الفشل الكلوي ودعمهم ماديًا ومعنويًا فكان القلب الحنون لكل فقير ومسكين أو مبتلى.
لقد كان فعل الخير وتقديم البر والإحسان للمحتاجين يلازم سموه وأصبح سجيّة من سجاياه لا تفارقه في حياته، فإذا ذكروا الناس الخير ذكروا سلمان بن عبدالعزيز.
الملك سلمان صاحب رؤية مستقبلية بعيدة ويتمتع بفطنة وحكمة كبيرتين، حيث إنه سيف الحزم في وجه أقنعة الفتنة الطائفية والوطنية، ولعب -حفظه الله- الدور المؤثر والفاعل في التوليفة الوطنية القائمة على أساس من المساواة في الحقوق والواجبات.
عرفته قائدًا وصديقًا فهو كان قائدًا مهابًا ولكنه في نفس الوقت صديقًا لكل سكان الوطن, يستعزم لأغنيائها وفقرائها, والطبقية في المجتمع هي عدوّه الأول.
عرفته الرجل الذي يعود المرضى, فالمعروف عن سلمان بن عبدالعزيز أنه يخصص يومًا في الأسبوع لزيارة المرضى ممن يعرفهم أو ممن لا يعرفهم.
عرفته محبًا للعلم والعلماء, والأدب والأدباء, والتاريخ والمؤرخين, فمجالسه عبارة عن ندوة علمية متنوعة الموضوعات, كما أن خادم الحرمين الشريفين -حفطه الله- قريب جدًا من رجال الأعمال ورجال الدين فكان دائمًا ما يقدّر جهودهم ويتواصل معهم ويحرص كل الحرص على الإصلاح بين الناس وتأليف قلوبهم على المحبة ففتح لهم صدره وقلبه في استقبالهم واستضافتهم وتقبُّل مقترحاتهم والوقوف معهم، ومن حبه في إيصال الخير إلى الناس أنه كان يشاركهم في أفراحهم, حيث دائمًا ما نراه أول المهنئين في كل فرح يُقام في رياضنا المعمورة، وحتى في كل ترح كان أول المعزين والمواسين.
كما لا ننسى جهود الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفطه الله- في مسيرة البناء والإعمار في العاصمة الرياض، حيث أضحت من أجمل وأسرع العواصم تطورًا وتقدمًا.
وأوضح السبيعي قائلا: ولعل من نافلة القول التذكير هنا بمبادرات في البذل والعطاء، حيث تبرع -حفظه الله- بكامل الأرض المقامة عليها جامعة الملك سعود هدية للجامعة من دون مقابل، وكانت قيمتها عند تبرعه بهذه الأرض أكثر من مائتي مليون ريال، وما نراه الآن من تشييد وبناء لحرم الجامعة ليس إلا ثمرة من ثمار قطفات خيره للعاصمة الرياض وللتعليم العالي.
كما لا ننسى كذلك تبرعه بعمارته بشارع الوزير لجمعية البر الخيرية بالرياض وتبرعه بكثير من ممتلكاته وأمواله الخاصة للجمعيات والمؤسسات الخيرية والإنسانية بالرياض وبسائر مدن المملكة.