عبده الأسمري
قامة ضياء.. وصاحب مسيرة بيضاء وسيرة عصماء قضاها بين حلقات التحفيظ وقاعات الجامعات ومنصات العمل الخيري.. من أهل القرآن وخاصته.. ومن رعيل الأئمة ومن جيل المؤثرين.
إنه إمام وخطيب جامع الشعيبي بجدة والأكاديمي والأمين العام للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم الدكتور عبدالله بصفر أحد أشهر القراء بالوطن العربي، ومن أبرز الوجوه الدعوية والخيرية بالوطن. بوجه تملؤه البساطة والسماحة وملامح تكسوها ومضات الاستقامة وعلامات الشهامة وعينان تستكينان بالهدوء والسكون والتواضع وكاريزما هادئة تشع بالصلاح والكفاح وصوت نادر ولهجة تقية وعبرة معتبرة يطل الشيخ بصفر يقرأ القرآن آناء الليل وأطراف النهار في الجوامع وفي قنوات الذكر ووسط مواقع الحفظ والتجويد والتلاوة.
في جدة التي صال وجال فيها طفلاً يستمع للقرآن في مذياع منزل أسرته ويقف خاشعاً هاجعاً قرب الجوامع تشربت روحه بالآيات الكريمات وامتلأت ذاكرته باكرا بعشق التلاوة وحب الحفظ راسما حدود العلا بأسمى واشرف تاج وأعلى مقامات الغنى الدنيوي والأخروي فكبرت معه أحلام اليقين وتعالت في نفسه أمنيات الغد.
تربى بصفر قريبا من العلماء مرافقا للمشايخ مترافقا مع روح ندية ونفس فتية ملتزمة بالوقت مهتمة بالدافعية فعاش متنقلاً بين دور العلم ومواقع المعرفة يدون في مذكراته موجبات النفع وواجبات الشرع واستجابات المرحلة ومتطلبات المستقبل. حيث تعلم كثيرا على أيدي نخبة من العلماء والمفكرين في القرآن وعلومه والحديث والتفسير والفقه والدعوة والأصول والفرائض والعقيدة.
كبر شغوفاً بالقرآن محبا لأحرفه منكبا على صفحاته سامعاً لنصائح والدين كريمين رسما له التخطيط ووضعا له لبنات البناء التي أجاد تركيبها ليشكل شخصية مركبة عنوانها الإمامة وسلوانها عبرات الخشية وتفاصيلها إسعاد الآخرين.
في بيئة علمية ودينية وخيرية نشأ بصفر عطوفا على المحتاجين متعاطفا مع الآخرين منصرفا إلى حيث مساحات التفوق شامخا بإنسانية عميقة ملتحفا بصفات تربوية فاخرة صقلها بالدراسة وأتحفها بكم هائل من المواقف والرؤى.
سيرة دراسية حافلة قضاها بصفر في حياته طالب علم وشيخ وسطية حيث أتم حفظ كتاب الله تعالى من حلقات تحفيظ القرآن الكريم بمدارس الفلاح بجدة.
حصل على درجة بكالوريوس الدراسات الإسلامية من جامعة الملك عبد العزيز بجدة عام 1406هـ. وحصل على إجازة برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية على يد فضيلة الشيخ المقرئ د.أيمن رشدي سويد عام 1407هـ.
ثم نال درجة الماجستير من كلية الشريعة من جامعة أم القرى بعنوان (تحرير القسم الأول من اتفاقات ابن رشد في كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد) عام1412هـ. ثم درجة الدكتوراه من كلية الشريعة (تخصص الفقه) من جامعة أم القرى بعنوان: (تحقيق ودراسة القسم السادس من كتاب العزيز شرح الوجيز للرافعي) عام 1419هـ.
في جامع الشعيبي من بين أقدم وأشهر الجوامع الكبرى في مدينة جدة ينتظر العابرون وسكان المكان ذلك الصوت الشجي ملتحفين بخشية تختلج مع أرواحهم حيث يتلو الشيخ بصفر آيات الذكر الحكيم بتلاوة عاطرة باللحن الجميل والصوت الشجي الآسر ليتشكل المشهد الروحاني بصورة يؤطرها الجمال القرآني وتملؤها سكنات الخشوع والهجوع.
اعتاد طلاب التحفيظ بجامع الشعيبي وجود الشيخ بصفر بينهم بأبوة حانية بينهم يبلور في عقولهم طهر القرآن وعبق الذكر وعطر التلاوة.
على يده تخرج أئمة وحفظة لكتاب الله غرس فيهم احترافية المهنة وإستراتيجية المهمة ودرب حناجرهم على الشدو بالذكر الحكيم بمزمار من مزامير آل داود. ويشرف بصفر على موقع البصائر القرآنية الذي يعد منبعا من منابع العلم الشرعي المنوع.
الدكتور بصفر علم من أعلام الفضاء الديني حيث ظهر ولا يزال في عدة برامج فضائية ينقل فيها موروث علمه واضاءات فكره في القرآن والفقه وله تسجيلات صوتية في مواقع التسجيلات للقرآن الكريم بالداخل والخارج والإذاعة والتلفزيون بصوته المنفرد وحنجرته التي تميزت بتلاوة تطرب الآذان وتبهج الأرواح وتنعش الأفئدة. وله عشرات العضويات المنوعة في الجمعيات والهيئات والمواقع بالداخل والخارج التي تعكس نشاطه الدؤوب في خدمة القرآن الكريم والأعمال الخيرية والمناشط الدعوية والمناسبات الدينية والاجتماعات الشرعية.
عقود قضاها الدكتور بصفر خادماً لكتاب الله قارئا ومعلما وإماما ومقداما في كل مجال ارتبط باسمه ليشكل رمزا بشريا عابقا بالعطاء الشرعي وعلما إنسانيا غادقا بالسخاء المعرفي.