فهد بن جليد
أنصحك بتجنب الدخول في نقاش مع مُدَّعي الثقافة الجُدد الذين يحملون هواتفهم في أيديهم دوماً، ليستعينوا بقوقل حول موضوع الحوار المطروح، عندما يستعرض أحدهم مهاراته في الغش من هاتفه خلسة - دون أن يشعر به الجالسون - ويبدأ التفنن في الاعتراض، والتأكيد، والحديث عن معلومات قد يكون تعرَّف عليها لأول مرة خلال تلك الجلسة، بينما الآخرون من حوله يطرحون أفكارهم وآراءهم مُعتمدين على حصيلتهم الثقافية الخاصة، ومصادرهم المعلوماتية السابقة، وهو غارق في البحث للمُقارعة تارة، والتصحيح تارة أخرى، مُدَّعياً بمعرفته أكثر من غيره، بينما الحقيقة بأنَّه مثل الطالب الذي يحل أسئلة الامتحان مُستعيناً بالكتاب الذي أدخله معه خلسة للقاعة، فمن الظلم أن نسمح له بالتفوق على حساب من ذاكروا المنهج جيداً، وتعلموا وفهموا ما يؤهلهم بأن يكونوا الأفضل.
مثل هذا النوع من المُحاورين لا يزيد حصيلتك المعرفية، بل على العكس تماماً هو يشوش معلوماتك، لأن هدفه دائماً أن يظهر بثوب العارف الفاهم المُتشنِّج لما يقول أكثر من غيره، لا المحاور الذي يطرح أفكاره وآراءه للنقاش بكل تلقائية وقبول حتى يُفيد ويستزيد ويتعلم أكثر مما يُطرح ويُقال.
من خلال تجرِّبتي الشخصية أستطيع أن أدُّلك على 5 علامات تُعرِّفك على هذا النوع من المُحاورين بكل سهولة: فأنت تراه صامتاً في بداية الحديث ليس من باب آداب الإنصات بل حتى لا يُفضح جهله، وبعد أن يتعرف على الموضوع ويفهم اتجاه النقاش، سرعان ما يتناول هاتفه ليبحث عن العنوان أو بعض العبارات والمحاور والأسماء والمُفردات المطروحة الدالة في قوقل، وعندها يسترق النظر نحو شاشة هاتفه باحترافيه وخبرة دون أن يلاحظه أحد، ليقول لكم لاحقاً - بكل بجاحة - اسمحوا لي أنا استمتعت لما تم طرحه، ولدي وجهة نظر أو رأي مُخالف.. ثم يبدأ بالفلسفة وطرح بعض المعلومات والعبارات والأسماء والاستشهادات التي سرقها وتعرف عليها للتَّو.
علينا ألا نسمح لهؤلاء المقوقلين بأن يفسدوا حواراتنا، بارتدائهم ثياب الثقافة والمعرفة والاطلاع في ظاهرة بدأت تننشر وتتنامى في مجالسنا ومكاتبنا، بل يجب التصدي لهم، ومنعهم من الغش الفكري أكثر، حتى يُشاركوا المرة الأخرى بعقولهم ومعرفتهم، لا بأصابع أيديهم.
وعلى دروب الخير نلتقي.