د. محمد عبدالعزيز الصالح
وافق مجلس الوزراء أخيراً على تنظيم صندوق النفقة للمطلقات والأبناء، حيث ستكون له شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة, ويعمل تحت إشراف مباشر من قبل وزير العدل.
ويتمثل دور هذا الصندوق في ضمان صرف النفقة للمستفيدين دون تأخير أو مماطلة من قبل الرجل المطلق, حيث يقوم الصندوق بصرف النفقة بشكل مؤقت للمطلقة وأبنائها، وذلك دون الانتظار حتى صدور الحكم القضائي بصرفها, كما أن من مهام الصندوق صرف النفقة لكل امرأة يصدر لها حكم قضائي بالصرف، ولكن الحكم لم ينفذ لأي عذر آخر بخلاف الإعسار, كما يقوم الصندوق بصرف نفقة مؤقتة لكل من يحدد مجلس إدارة الصندوق صرف نفقة لها, وفي كل الحالات السابقة سيقوم الصندوق بتحصيل مبالغ النفقة التي دفعها الصندوق للمرأة المطلقة وأبنائها من الرجل المحكوم عليه بذلك والتي سبق أن دفعها الصندوق نيابة عنه.
ما من شك أن إنشاء مثل هذا الصندوق إنما يعد دعماً للمرأة المطلقة في مواجهة تعسف بعض الرجال والذين لا يترددون في القسوة على الزوجة بعد حدوث الطلاق بينهما, كما أن إنشاء صندوق النفقة إنما يأتي دعماً للمرأة المطلقة في مواجهة طول الإجراءات القضائية والتي قد يتفنن الرجل المطلق في إطالتها نكاية بمطلقته. نعم إن إنشاء صندوق النفقة يعد دعماً للمرأة المطلقة إذا ما علمنا بأن حالات الطلاق في المملكه تصل سنوياً إلى (34000) حالة طلاق وذلك بواقع (96) حالة طلاق يومياً.
وفي هذا الخصوص, فإنني أؤكد أنه إذا كان إنشاء صندوق النفقة يعد بمنزلة الخطوة الأولى لوزارة العدل في سبيل حماية حقوق المطلقات وأبنائهم, من خلال ضمان صرف نفقتهم دون تأخير, فإن السؤال الأهم هنا هو من يقرر مقدار النفقة التي يتوجب على الرجل المطلق دفعها لمطلقته وأبنائها, أعتقد بأن على وزارة العدل أن تبدأ عاجلاً بدراسة هذا الموضوع إنصافاً للمطلقات، فهل نعلم بأن في الكثير من الدول يُلزم الرجل المطلق بدفع نصف ثروته التي جمعها بعد الزواج لمطلقته, وهل نعلم أن المرأة عند طلاقها تحتاج إلى مسكن يأويها وأطفالها, كما تحتاج إلى سيارة وسائق لتنقلاتها وأطفالها، وهل نعلم إنها تحتاج إلى أموال لتربية أطفالها وتعليمهم وتنشئتهم نشأة سليمة, إذاً كيف يسكت مجتمعنا وبمباركة من وزارة العدل ومحاكمها في أن تقتصر نفقة المطلقة التي يدفعها الرجل المطلق على ريالات قليلة لا تكفي حتى سيارة الأجرة التي تتردد بها على جلسات المحاكم.
ختاماً, بهذه الموافقة لمجلس الوزراء على صندوق النفقة تثبت لنا قيادتنا الحكيمة بقيادة الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بأن الاهتمام بالمواطن وعلى الأخص محدود الإمكانات هو محور اهتمام القيادة وأن اهتمام القيادة لا ينحصر في القضايا السياسية والاقتصادية فحسب وإنما نجد بأن قضايا المواطنين الاجتماعية تحظى بالدرجة نفسها من الاهتمام. حيث نجد بأن تبني وزارة العدل لإنشاء هذا الصندوق إنما يعد أحد مبادرات برامج التحول الوطني 2020 والتي تعد ترجمة لرؤية المملكة 2030 والتي جعلت المواطن السعودي الجانب الأهم في مختلف منطلقاتها.