سعد السعود
يقول الفيلسوف الفرنسي بليس باسكال: (يجب أن تقترن العدالة بالقوة.. بحيث يصبح كل شيء عادل قوي وكل قوي عادل).. مقولة ما أحوج اتحاد عادل لها.. فهي أشبه بوصفة النجاح في كل عمل.. فعندما يتساوى القوي والضعيف في المعاملة.. يطمئن كل طرف على توفر العدالة.. وعندما يوقن هذا وذاك على وجود الحزم دونما اكتراث للون أو حسابات لفرق.. عندها يصبح ليس هنالك ميزة لشخص أو حتى فرق.. فيتفرغ الجميع للملعب.. ويسعد بحسن إدارته من في المكتب.
في إسبانيا حيث الكرة الأقوى في العالم.. وحيث تواجد اللاعبين الأفضل ولا شك.. وحيث موطن الفرق المسيطرة على بطولات أوروبا.. هي باختصار المتحدث الرسمي كروياً للقارة العجوز هكذا يمكن أن نعنون هنالك للرياضة.. فكيف كان لها الوصول لكل هذا؟ ببساطة هو تطبيق للقانون بلا مجاملة.. وإيقاع للعقوبات بلا مهادنة.. فضلاً عن محاصرة المقصرين بالمحاسبة.. ليس هنالك في الموضوع فيزياء أو نظريات.. فقط لا يتعاطون حب الخشوم كروياً.. ولا تنتابهم أم الركب عندما يكون المذنب فريقاً جماهيرياً.. ولا يكترثون باتصالات تأتيهم من مسؤول أو هجوماً صحفياً.
لذا لم ولن أستغرب معاقبتهم لنجم ريال مدريد البرتغالي رونالدو.. فعلى الرغم من مكانته كأفضل لاعب في العالم.. وعلى الرغم من مكانة فريقه ريال مدريد بطل العالم للأندية.. وعلى الرغم أيضاً من أنه حتى المعاقبة جاءت بسبب تعرض اللاعب لظلم تحكيمي نال على أثره الطرد.. إلا أن الاتحاد الإسباني وضع كل ذلك خلف ظهره.. وطبق ما في لوائحه.. حتى أن المتابعين الرياضيين كانوا يتوقعون العقوبة ومدتها قبل صدورها لوضوح المواد وعدم خوف المشرّع.. لذا شاهدنا دفع خفيف للحكم حسب تقريره يكلف ريال مدريد غياب نجمه رونالدو لأربع مباريات.. في درس يقدمه الاتحاد الإسباني لمن يبحث عن اتحاد عادل وقوي بحق وحقيقة.
بالمقابل شاهدوا مثلاً تجاهل اتحاد عادل عزت بلجانه لذات الحركة عندما صدرت من أحمد الفريدي تجاه الحكم فيصل السلطان في لقاء النصر بالفيصلي.. لتدركوا أن من لا يقوى على مواجهة الريح فسيدمن الانحناء.. ومن يخشى الضجيج سيكون دمية يحركها الهواء.. وحتماً لن تقوم له قائمة بعدما غدا لعبة يتقاذفها الأقوياء.. ولتبقى اللوائح كما يردد الكثير مجرد حبر على ورق.. تطبق على فرق وتخشى الوقوف أمام فرق.. فأي ثقة ننشدها برياضتنا بعد ذلك ونحن نشاهد الحكم يدفع بلا هيبة.. وأي عدالة ننتظرها من لجنة الانضباط وهي تختلق عقوبات خاصة بها كما حدث لوليد عبدالله عند اعترافه بضرب لاعب الفيصلي.. حيث نصت العقوبة على التحذير بعدم التكرار.. يعني بلهجتنا المحلية: لا تعودها.. فهل بعد كل هذه الفوضى ننتظر تطورا لكرتنا أو عدالة لمنافستنا أو حتى ثقة بمسيري رياضتنا ؟
عموماً أعود لأهمس لاتحاد الكرة المرتعش من جديد بهذه الكلمات: إن كان صوتك يرتجف.. وقرارك لا يقدر على قدميه أن يقف.. ولسانك قبل أن ينطق بحكمه يجف.. عندها لا تنتظر منّا أن نصفق لهذا الخوف.. لذا على اتحاد الكرة تذكر أنه عندما يطبق النظام فلا يهتم لما يخلفه من تذمر.. وعندما تحضر العدالة فلا يعير أسماعه لصياح المتضرر.. لذا أصدر حكمك وأمضي بثقة ولا تنتظر قبول الكل عندما تقرر.. فالقانون يجب أن يكون أعمى لا يفرق بين لون ولا يهتم بمن فاز أو خسر.. وإلا بطول انحناء لأعوام أربعة قادمة فأبشر!
آخر سطر
لأبي القاسم الشابي:
ومَنْ يَتَهَيَّبْ صُعُودَ الجِبَالِ
يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَرْ